Friday 6 July 2012

الـحـب والـوفـاء




من تدوينات مكتوب المرحوم - 2009

     كانت تعتقد حين اختارته وحاربت الدنيا من أجله؛ أنها ستودع عالمها البائس، وأن كل أمانيها التي رافقتها منذ طفولتها ستتحقق.
     كانت تعتقد أنها وبزواجها منه؛ ستصبح تلك السيدة السعيدة، ليس بحبه فحسب وإنما بماله وعزه وجاهه، ربما كان ماله هو ما جعلها تتمسك به قبل حبه، وهو أيضا ما جعلها تترك حبيبها السابق.
     كانت تقول إن ما فعلته لا يعتبر خيانة، فهي تركته قبل أن يحدث أي ارتباط، حتى لو كان ذلك بعد ثلاث سنوات من الحب، فهي لا تريد شخصا يبقيها على حالها، ولو كان متيما بها، ولو كانت هي ذاتها متيمة به، إنها تريد شخصا ينتشلها من عالمها الفقير، ويزرعها في عالم مزهر، عالم تلبس به الحرير، تغرق به جسدها بأجود أنواع العطور، وتبعثر عليه الألماس.
     ظنت أن تلك الأمور كافية، ظنت أنها بالحرير والعطر والألماس ستحبه، كما ظنت في السابق أنه تزوجها لأنه يحبها، لم تكن تعلم أنها كانت ضحية تحد أحمق بينه وبين بعض من رفاقه.
     لقد كان شابا يمتلك ما يكفي من مظاهر الترف، كان كل من يراه يعرف أنه ولد وبفمه ملعقة من ذهب، وكان رفاقه دائما يعيبون عليه وعلى أمثاله عدم اختلاطهم مع طبقات اجتماعية أدنى منهم، وكان باستمرار ينفي صحة ما يقولون.
     وفي يوم لم تكن تعلم هي أنه سيغير مجرى حياتها للأبد، تحدوه رفاقه بأن يتزوج من فتاة هم اختاروها، وأعطوه عنوانها وبعض المعلومات عنها، وقبل التحدي حتى يثبت لهم عكس ما يقولون.
     وهكذا دخلت إلى عالمه، عالم هؤلاء الأشخاص الذين جعلوها تحلم لسنوات وسنوات بأن تصبح مثلهم ولو للحظة، دخلت مدهوشة بعظمة قصره وبعراقة ما بداخله، قررت منذ دخولها أنها ستستعمل جميع حواسها لتستمتع بكل ما فيه.
     لم تكن تفكر به ولا بأهلها، كل ما كان يشغل تفكيرها هو ذاك البزخ الواضح حتى في أدق تفاصيل القصر، بقيت هكذا ثلاثة أشهر، لم تتغير خلالها من الخارج فحسب، بل من الداخل أيضا، فقد نسيت ماضيها وكل ما فيه من أشخاص.
     ثم بدأت تستيقظ، أصبحت تنظر حولها، إنها تمتلك كل شيء، ولكن هنالك ما ينقصها! ينقصها حب طاهر تسقيه لشخص ما، ينقصها وفاؤها لماضيها الذي رمته مقابل المال، وأهم ما ينقصها؛ قلب رجل يسكنه قلب امرأة أخرى.

No comments:

Post a Comment