عائلة سمر: أيتام تتقطع بهم سبل الحياة بين الفقر وغياب المعيل

الغد - عمان - في نهاية كلّ أسبوعٍ تترك الأرملة الشابة سمر (30 عاماً) وأطفالها الثلاثة، منزلهم في لواء الشونة الجنوبية، لقضاء العطلة في منزل العائلة، الذي يقطنه والداها وأخوها الأصغر، في أحد أزقة منطقة النزهة بعمّان، فيخف عنها عبء المصاريف في هذه الأيّام، التي تستغلها بوصل رحمها، ومتابعة علاج ابنها الأكبر عيسى (11 عاماً)، المصاب منذ أعوام طويلة بحمى البحر الأبيض المتوسط، فعلاجه حيث تقيم غير مجد بحسبها.
بصوت حزين، لا يخلو من الرجفة، تشرح سمر سبب ترملها، فتقول "توفي زوجي بعد ولادة ابنتي شهد بأسبوع واحد، وهي الآن ابنة عامين، وكان عمر والدها عند الوفاة 33 عاماً، لم يكُن يشكو من شيء، لكنّ وقوعاً مُباغتاً سبّبَ لهُ بعض الكسور في حَوضه، فلازم السّرير سبعة أشهر، لم نتذوق خلالها طعم الراحة، متابعة "ثم أصيب بفشل كلوي، وتراكم الماء في جسده، حتى وصل إلى رئتيه، فسلّم روحَهُ إلى الخالق بعد أن توقف قلبه".
استأجرت سمر مؤخراً منزلاً صغيراً، يؤويها وأطفالها بالقرب من سكن أهل زوجها، الذين كانت تقطن معهم في الشونة الجنوبية، لكنّها ابتعدت مرغمة، بعد فقدانها لأي أمل بالوفاق بينها وبينهم! فهُم بحسبها لا يهتمون بها ولا بأبنائها، الذين يحملون اسم عائلتهم، بل إنهم ينكرونهم، ويتجنّبون سماع أخبارهم.
ويعلق على ذلك والد سمر، الذي شاركها شرح معاناتها في منزله "أوصاني زوجُ سمر قبل وفاته بأيّام، بالاعتناء بأبنائه ورعايتهم، وأكّد لي أنّ أهله لن يتعرفوا عليهم بعد وفاته، وبالفعل هذا ما حدث!". 
لكن الوالد يقول بأسى "كل ما أستطيع مدهم به؛ الحب والحنان، فأنا رجل بمُنتصف الستينيات، وبلا عمل، ولا راتب تقاعد، ولا حتى ضمان! وما أحصل عليه من مالٍ هو من ابني، الذي يصرف عليّ وعلى والدته، براتب متواضع بالكاد يكفينا".
سمر، لاقت الأمرَّين بعد وفاة زوجها، فقد ترك لها أطفالاً ثلاثة، كل منهُم يحتاج لمصاريف خاصّة، ولرعاية لا بُد من مشاركة الوالد بها، بالأخص عيسى، الذي يحتاجُ لمُراجعة المُستشفى بشكل دوري بسبب مرضه، فأحياناً تتورّمُ مفاصلُه، وأحياناً يُصابُ بالتهابات بالدم، وأخرى بالعظام.
تتقاضى سمر 160 ديناراً من وزارة التنمية الاجتماعية، يذهب منها 60 ديناراً أجرة منزلٍ، و30 أخرى بدل كهرباء وماء، و25 ديناراً دواء لعيسى، الذي تدفع له نصف قيمة العلاج، كونها حاصلة على تأمين صحّي.
مكسورٌ على سمر أُجرة منزل لمدة ثلاثة أشهر، فالمصاريف تزداد عليها بشكل قاس، ما يجعلها تقف مكتوفة اليدين، أمام هذا الواقع المرير بحسبها، حيث تقول "طلبات أبنائي تزداد يوماً بعد يوم، وأنا بالكاد أُدبر ضرورياتهم، حتى أني أقصر بها معظم الوقت، فمصاريفُ عيسى العلاجية والمدرسية من جانب، ومستلزمات شهد ابنة العامين، التي لا بد من توافرها، من جانبٍ، ورغبات ناصر ابن الأربعة أعوام، الذي لا يكل ولا يمل بطلباته المُرهقة، من جانب آخر،". وتعلق "لعلّ عبئاً ثقيلاً يزاح عن كاهلي، لو تملّكت منزلاً قريباً من سكن والدي، فأستغل ما أدفعه أجرةً منزل لمصاريف أبنائي، وأكسب ميزة القرب من أهلي، ومن المستشفى الذي يُعالجُ ابني".
يؤكد والد سمر أنّه تَمر أيام على ابنته وأحفاده "لا يَشُمُّون" فيها رائحة الطعام، وأنه لا يعرف عن ذلك إلاّ بعد فترات طويلة من أحد الأحفاد، فهي ترفض إظهار حاجتها ولو لأقرب النّاس إليها، وأكثر ما يجبرها على ذلك؛ علمها بسوء حال أهلها المادي.  

نشر : 21/02/2012


* تجدون القصة كذلك على الموقع الإلكتروني لصحيفة الغد:


No comments:

Post a Comment