أم فراس تحلم بدخلٍ ثابت يقيها ذلّ السؤال ويوفر أُجرة البيت



عمان- بين جدرانٍ متقاربةٍ متهالكةٍ لم يستطع الإسمنت إخفاء شقوقها، وتحت سقفٍ غير مكتملٍ، ووسط أثاثٍ تالفٍ يبدو أنّه تمّ الحصول عليه بعد أن ألقى به "ميسور"، تعيش "أم فراس" وطفلتها ابنة العشرة أعوام، في زقاقٍ في مخيم الحسين، في الصيف تتسلط عليهما أشعة الشمس الحارقة، وشتاءً لا تكف الأمطار والرياح عن مشاكستهما من كل الجهات.

     في هذا المنزل تعيش "أم فراس"، الأرملة منذ عامين، والأم لخمسة أبناء لم يبقَ منهم سوى طفلةٍ تؤنس وحدتها، بعد أن زوجت ابنتَيها، وهجر المنزل ولداها الشابان "16، 21" عاماً، واللذان لا يكفّان عن جلب المتاعب لوالدتهما بين الفينة والأخرى.
     تقول "أم فراس" لـ "الغد"، "أرهقتني الحياة بعد وفاة زوجي، صحيحٌ أننا لم نكُن ميسوري الحال في حياته، لكنّا كنّا قادرين على سدّ حاجاتنا الأساسية، أمّا الآن؛ فلستُ قادرة على تأمين أجرة المنزل منذ شهور، وأعجزُ عن سداد فاتورتَي الماء والكهرباء التي قُطعت عن منزلي مؤخراً، وأنا الآن بحاجةٍ لسداد أجرة المنزل والفواتير، حيث لا يوجد دخلٌ شهريٌ ثابتٌ لي سوى أربعين ديناراً من التنمية الاجتماعية، أمّا الطعام والشراب فمما ييسره لنا الله وأهل الخير لنتناوله أنا وابنتي، أما الطبخ فمعدومٌ في المنزل".
     وتضيفُ "أم فراس" "بين فترةٍ وأخرى يطرق بابنا أشخاص يرغبون بمد يد العون لي ولابنتي، لكنهم بمجرد معرفتهم أنّ عندي "شابّيْن"، يمتنعون عن المساعدة بحجة قدرة "ولدَيّ" على إعالة المنزل، علماً "بأنهما لا يفيدان بشيء، لا بل قد يستفيدان مما في المنزل ثم يغيبان، ليعودا من جديد إن احتاجا أو علما بأن هناك ما يمكن أن يستفيدا منه في البيت".
     وتتابع حديثها قائلة "أنا مُصابةٌ بالروماتيزم، أخذتُ علاجاً خفّف عنّي الألم لبعض الوقت، لكنّي سرعان ما تركته، لإنّهُ لا قدرة لي على تحمّل نفقاته".
     هذه هي حكاية "أم فراس" التي لا تحلمُ إلاّ بدخلٍ ثابتٍ يقيها مذلّة السؤال، وبمنزلٍ متواضعٍ تتملكه، فيزيل عنها عبء الإيجار المتعب، أمّا طفلتها ابنة العشرة أعوام؛ فجلّ طموحها يتمثل بالحصول على ملابس جديدة ذات ألوان زاهية، تتباهى بها أمام صديقاتها، وبحذاءٍ غير مُمزق، قادر على تحمل شقاوتها في الحارة، و"سكوتر" تتنزه به في زقاق المخيم.


نُشرت هذه القصّة في جريدة الغد الأردنية، يوم الإثنين، بتاريخ 8/ 8/ 2011

No comments:

Post a Comment