Showing posts with label إعلام. Show all posts
Showing posts with label إعلام. Show all posts

Tuesday 20 September 2016

كم كنت ثقيلاً يا جحش العيد

اعتدنا في بلاد الشام أن نطلق على اليوم الذي يلي آخر أيام العيد اسم "جحش العيد"، لا أعرف من ابتدع هذا الاسم ولا كيف أصبح هذا اليوم مكمّلاً رسمياً للعيد، نواصل فيه الزيارات ونفتح أبوابنا لمن لم يتمكن من زيارتنا في أول الأيام، ولكن ما أعرفه بأنه كان يوماً خفيفاً ولطيفاً، نتمنى أن يستمر أياماً حتى لا تغيب أجواء العيد ويعود إرهاق الدوام.

هذه المرة شعرت بـ "جحش العيد" في اليوم الأول، وبعد صلاة العيد مباشرة، لكنه كان ثقيل الظل، بشع المظهر، كان الخوف ظاهرا على محياه والتوتر واضحا من هندامه، ومع ذلك وبكامل وقاحته أصرّ على الظهور وتمثيل طقوس الفرح في مكان انتزعه من أهله بالقوة، مكان لا تزال رائحة الدماء والدمار تفوح في أجوائه.

حتى هذه اللحظة أحاول تحليل المشهد الذي ظهر به هو وأتباعه، لكنني أقف عاجزة ومذهولة، فكيف لكل هذه البشاعة أن تجتمع في إنسان؟! وهل يستحق الإنسانية من يقصف مدينة طوال خمسة أعوام؟ من يحاصرها ويمنع الطعام عن أهلها ثم يضعهم أمام خيارين؛ الهجرة أو الإبادة؟

هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها صلاة عيد خاوية من ألوان الفرح، فلا يوجد أطفال يتباهون بملابسهم، ولا صوت لضحكات النساء، لا يوجد باعة متجولون في الطرقات
خلت داريا من سكانها فسكنت إلى الوحدة، سكنت رغم جرحها العميق، ومع ذلك، فقد اخترق السكون بضجيج مركباته، وداس على الجرح حين دخلها أول أيام العيد راقصاً وضاحكاً رغم الدماء التي لم تجفّ بعد، دخلها برفقة أتباعه لأداء صلاة العيد.

هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها صلاة عيد خاوية من ألوان الفرح، فلا يوجد أطفال يتباهون بملابسهم، ولا صوت لضحكات النساء، لا يوجد باعة متجولون في الطرقات ولا تجمّعات حول أضاحي العيد، لا يوجد سوى قتلة متسلّقين على ظهر الدين.

شاهدت الفيديو الذي انتشر لصلاة بشار الأسد في داريا واستمعت لما قاله بعد الصلاة، فلمست اللا عقلانية في خطابه والتوتر في حركاته، وشعرت بعدم تصديقه لكل ما يحدث، بدا لي كالطغاة الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ، بل أكثر إجراماً، فتراءت لي صورته وهو مدفون بجانبهم، وسرعان ما تبادرت إلى ذهني قصيدة "عن إنسان" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، التي كلّما قرأتها تذكّرت حالنا نحن الشباب العرب، حالنا منذ نعومة أظفارنا، منذ شباب أجدادنا، وحتى في شبابنا.. أحب هذه القصيدة، فرغم الظلام الدامس الذي يعيش فيه عالمنا العربي، إلا أنها تخبرنا بأن الليل زائل وبأن شمس الانتصار ستشرق من جديد. إليكم القصيدة:

وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى
وقالوا: أنت قاتل!
أخذوا طعامه والملابس والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين والكفّين
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل
نيرون مات ولم تمت روما
بعينيها تقاتل
وحبوب سنبلة تجفّ
ستملأ الوادي سنابل


*تجدون التدوينة كذلك على مدونات الجزيرة:

Saturday 20 August 2016

كيفية معالجة الإعلام الأردني لقضايا الفئات المستضعفة

من هي الفئات المستضعفة التي يتحدث عنها الإعلام الأردني؟ وهل يفيها حقّها بالفعل؟
من إحدى أمسيات منتدى عبدالحميد شومان الثقافي، تأخذنا الصحفية الأردنية نادين النمري بجولة نابعة من تجربتها مع الفئات المستضعفة، وتتوقف عند محطات تلهم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وترفع مستوى الإنسانية والحساسية لديهم عند التعاطي مع قضايا تخص هذه الفئات، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر: المرأة، الطفل، الشخص ذو الإعاقة واللاّجئ.
تبدأ النمري جولتها بإظهار مقدار التغطية الذي تخصصه وسائل الإعلام الأردنية للفئات المستضعفة، فتبيّن أنها تغطية موسمية لا مستمرّة، حيث يتم تناول قضاياها إن كانت الحالة العامة تتطلّب ذلك، وبحسب المناسبة كيوم المرأة العالمي مثلاً، ومن ثم يتم نسيانها. بالمقابل، يتم تخصيص مساحة دائمة وشاملة للسياسة، وإدلاء الرأي والإقتصاد. ومع ذلك، فإنها تؤكد على أن المشكلة الأساسية لا تكمن بضعف حجم المواد فحسب، وإنّما بضعف طرح هذه المواد من قبل الصحفيين.
عدم تعمّق الصحفي بالقضايا التي يتناولها
يستخدم الصحفي أحياناً مصطلحات أو أوصاف تسيء للحالة التي يتحدث عنها، ويكون ذلك بالأغلب بسبب جهله لطبيعة الحالة وبحقوقها التي يجب عليه احترامها والعمل على إبرازها. واستشهدت النمري بخبر لأحد المواقع الإلكترونية بعنوان "ضبط أطفال لقطاء"، مستنكرة الفعل الذي تم استخدامه، حيث يعتبر فعل "ضبط" إساءة بحق الأطفال وكان من الأفضل استخدام فعل آخر بمعنى مختلف.
وتعلّق النمري، على الصحفي العمل بجد ومثابرة لتطوير مهاراته الصحفية ومعرفة الطرق الأفضل للتعامل مع مختلف الحالات التي يقابلها، كما عليه قراءة مختلف القوانين التي تتعلق بها وفهمها جيداً.
وتقع على عاتق المؤسسات الإعلامية كذلك مهمة اختيار صحفييها بذكاء ومدّهم بالدورات الكافية والوافية لرفع مستوى مهنيتهم.
إيصال رسالة أم الوصول لسبق صحفي؟
يغيب عن ذهن الصحفي في بعض الحالات أنه يتعامل مع إنسان، فيصبح هدفه من المادة التي يعمل عليها الوصول لسبق صحفي يميّزه عن غيره من الصحفيين، وفي هذه الحالة قد يسيء أو يظلم الشخص الذي يتناول حالته، وهنا، تقول النمري إنه يجب على الصحفي طرح السؤال التالي على نفسه:
هل ما أسعى إليه هو الإثارة أم تبنّي قضية وإيصال رسالة؟
هذا السؤال سيساعد بتحديد نهج الصحفي وببيان المؤسسة الإعلامية الأنسب لتوجهاته. مؤكدةً على ضرورة تبنّي المؤسسات الإعلامية لسياسات واضحة في هذا الخصوص وامتلاكها لميثاق أخلاقي يسيّر عملها.
مادة لإثارة الشفقة أم لفتح ملف حقوقي؟
ترى النمري أن قضايا الفئات المستضعفة تنال تعاطف الجمهور ويحدث من بعدها تغيير في حال تمت معالجتها بشكل جيد، لكن الملاحظ أنه يوجد نقص بكيفية معالجة وسائل الإعلام لهذه القضايا، مؤكدةً على "غياب النهج الحقوقي في التعامل مع المشكلة الأساسية، وانطلاق المعالجة من مبدأ الشفقة وإثارة المشاعر بطريقة سطحية، دون البحث في العمق أو إعطاء الطابع الحقوقي لهذه القضايا".
صحافة الـ Trend أو المواضيع الأكثر شيوعاً
تتحول أجواء الإعلام أحياناً إلى مساحة يملؤها التقليد، أو بمعنى أدق إلى صحافة الـ Trend، فبمجرد أن تظهر قضية ما على الساحة، يبدأ بتناولها الصحفيون من مختلف المؤسسات، لا يهم أن يكون في تناولهم لها معالجة أو دقة، بل المهم أن يكونوا قد واكبوا الموجة.
وبحسب النمري، فقد ينجم عن ذلك مشاكل وإساءات عدة، منها، احتمالية الوقوع بالخطأ بسبب الاندفاع الذي حال دون بحث الصحفي وتقصّيه، بالإضافة إلى عدم قدرته على التفكير بزوايا طرح جديدة من شأنها إحداث التغيير المرجو.
نفس حقوقي أم تحريضي؟
يقف أمام بعض القضايا صحفيون محرّضون، هدفهم إبطال أهمية هذه القضية والسخرية من حقوقها، وفي هذه الحالة، وبحسب النمري، فإن الدور الأكبر يكون على المؤسسة الإعلامية نفسها لتحدّ أو تساعد بتطوير هكذا صحفيين، فالصحفي بالنهاية ابن مجتمعه، أي أنه يتأثر بما تفرضه عليه بيئته.
كما تؤكد النمري على ضرورة بناء شراكة تربط المؤسسات الإعلامية بمنظمات المجتمع المدني، للسماح للأخيرة بإيصال رسالتها بشكل أسهل وأسرع ولتوعية الصحفي ورفع مستوى قدراته.
أمل لحظي أم فائدة حقيقية؟
هل تستفيد بالفعل الفئات المستضعفة من الملفات التي تنشر عنها أم أن الأمل اللحظي هو كل ما تجنيه؟
تقول النمري بأن مهمة الصحفي الكبرى تكمن بعدم إعطاء وعود مبالغة للحالة التي يتعامل معها، فلا يجوز له بأن يخبر حالته بأنه بمجرد طرح المادة ستصبح أمورها على خير ما يرام، بل عليه أن يكون واضحاً جداً وأن يبيّن بأنه سيطرحها للبحث والنقاش لكنه لا يعد بحلول سريعة.
وتضيف النمري بأنه لا بأس بأن يساهم الصحفي من خلال علاقاته بمساعدات إنسانية لحالاته التي يصعب عليه تناول قضاياها، لمعرفته مسبقاً بعدم جدواها أو لإيقانه بأن المساعدة الذاتية ستعطي أثراً أكبر، فما العيب أو المانع من أن يلبّي الصحفي نداء الإنسانية؟



*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet: