Showing posts with label موت. Show all posts
Showing posts with label موت. Show all posts

Tuesday 20 September 2016

كم كنت ثقيلاً يا جحش العيد

اعتدنا في بلاد الشام أن نطلق على اليوم الذي يلي آخر أيام العيد اسم "جحش العيد"، لا أعرف من ابتدع هذا الاسم ولا كيف أصبح هذا اليوم مكمّلاً رسمياً للعيد، نواصل فيه الزيارات ونفتح أبوابنا لمن لم يتمكن من زيارتنا في أول الأيام، ولكن ما أعرفه بأنه كان يوماً خفيفاً ولطيفاً، نتمنى أن يستمر أياماً حتى لا تغيب أجواء العيد ويعود إرهاق الدوام.

هذه المرة شعرت بـ "جحش العيد" في اليوم الأول، وبعد صلاة العيد مباشرة، لكنه كان ثقيل الظل، بشع المظهر، كان الخوف ظاهرا على محياه والتوتر واضحا من هندامه، ومع ذلك وبكامل وقاحته أصرّ على الظهور وتمثيل طقوس الفرح في مكان انتزعه من أهله بالقوة، مكان لا تزال رائحة الدماء والدمار تفوح في أجوائه.

حتى هذه اللحظة أحاول تحليل المشهد الذي ظهر به هو وأتباعه، لكنني أقف عاجزة ومذهولة، فكيف لكل هذه البشاعة أن تجتمع في إنسان؟! وهل يستحق الإنسانية من يقصف مدينة طوال خمسة أعوام؟ من يحاصرها ويمنع الطعام عن أهلها ثم يضعهم أمام خيارين؛ الهجرة أو الإبادة؟

هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها صلاة عيد خاوية من ألوان الفرح، فلا يوجد أطفال يتباهون بملابسهم، ولا صوت لضحكات النساء، لا يوجد باعة متجولون في الطرقات
خلت داريا من سكانها فسكنت إلى الوحدة، سكنت رغم جرحها العميق، ومع ذلك، فقد اخترق السكون بضجيج مركباته، وداس على الجرح حين دخلها أول أيام العيد راقصاً وضاحكاً رغم الدماء التي لم تجفّ بعد، دخلها برفقة أتباعه لأداء صلاة العيد.

هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها صلاة عيد خاوية من ألوان الفرح، فلا يوجد أطفال يتباهون بملابسهم، ولا صوت لضحكات النساء، لا يوجد باعة متجولون في الطرقات ولا تجمّعات حول أضاحي العيد، لا يوجد سوى قتلة متسلّقين على ظهر الدين.

شاهدت الفيديو الذي انتشر لصلاة بشار الأسد في داريا واستمعت لما قاله بعد الصلاة، فلمست اللا عقلانية في خطابه والتوتر في حركاته، وشعرت بعدم تصديقه لكل ما يحدث، بدا لي كالطغاة الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ، بل أكثر إجراماً، فتراءت لي صورته وهو مدفون بجانبهم، وسرعان ما تبادرت إلى ذهني قصيدة "عن إنسان" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، التي كلّما قرأتها تذكّرت حالنا نحن الشباب العرب، حالنا منذ نعومة أظفارنا، منذ شباب أجدادنا، وحتى في شبابنا.. أحب هذه القصيدة، فرغم الظلام الدامس الذي يعيش فيه عالمنا العربي، إلا أنها تخبرنا بأن الليل زائل وبأن شمس الانتصار ستشرق من جديد. إليكم القصيدة:

وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى
وقالوا: أنت قاتل!
أخذوا طعامه والملابس والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين والكفّين
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقية
ولا زرد السلاسل
نيرون مات ولم تمت روما
بعينيها تقاتل
وحبوب سنبلة تجفّ
ستملأ الوادي سنابل


*تجدون التدوينة كذلك على مدونات الجزيرة:

شرفة مطبخهم.. شرفتي

على شاطئ الهدوء ألقت بي الأقدار، وفي بحر الصمت غرقت، قاومت، تعاركت، فقدت بعضاً من حواسي، لكني لم أفقد رغبتي بالحياة.

أوصلني شغفي إلى مطبخهم، كان وصولي انتصاراً، فها أنا ناقصة الحواس أمتلك اليوم مملكة تتمنّاها الإناث.. أو إن صحّ التعبير، أمتلك وظيفة تنبع من المطبخ وتصبّ فيه، كم تخطّيت من أمواج لأصل إلى هذه الوظيفة، وكم أبحرت بعد ذلك في خيالي هرباً منها.. من هذه الوظيفة التي أصبحت تقضي على ما تبقّى بي من حواس وتدفن كل ما بداخلي من إحساس.

أصبحت أهرب من الفاجعة بالنوم، وعند استيقاظي ألجأ للرسم، فالرسم بالنسبة لي لغة أتقنها.. رسمت فتاة ببطن كبير، رسمت طفلاً صغيرا،ً ورسمت عائلة بلا أب.
في مطبخهم تعلّمت الكثير من أصناف الطهي، وتعاملت مع القليل من أصناف البشر، كنت أعدّ الكثير من الطعام، لا أعرف لمن! كان منزلهم خالياً إلا من أنفاسي وأنفاسهما، هذان الكهلان الوحيدان، هذان الوحيدان إلا من ذكرياتهما المعلّقة على جدران الفرح والشباب.

كان حضوري إليهما كسراً للروتين، فعلى الرغم من تفاجئهما كوني لا أتحدث ولا أسمع، إلا أنهما رحّبا بي، وقرّرا تعلّم لغة الإشارة من أجلي، وتعليمي لغة الومضات من أجلهما، وضعا في المطبخ أجراساً ضوئية بألوان مختلفة كي أتنبه على نداءاتهما الصادرة من غرفة النوم، وغرفة الجلوس، وباب المنزل، باب المنزل الذي لم أخرج منه منذ دخولي إلى عالمهم.. كانت شرفة مطبخهم، شرفتي، مخرجي من هذا العالم.

كانا ينامان في تمام الساعة الثامنة مساءً، وكنت أنام بعدهما بساعات.. كان الليل بغيابهما ممتعاً، أقضيه على شرفة مطبخهم، شرفتي التي أنام فيها، أحلم، أستيقظ وأسهر لأستحضر الذكريات أو لأقلّب نظري على كل ما يظهر لي من مشاهد.. ما أجمل السهر على هذه الشرفة.

كل ليلة، في تمام الساعة التاسعة، كنت على موعد مع شرفتي، أخرج إليها، أفتح بعضاً من نوافذها وأسند ذراعيّ على واحدة منها، ثم أسند رأسي على ذراعيّ وأمدّ بصري للأسفل.

رغم وقوفي الطويل على هذا الشكل، إلا أنني لم أكن أشعر بالتعب، فقد كان شغف اللقاء بأشخاص والتعرّف على حكاياتهم يملأ كل خلية في جسدي، أنا المشتاقة لبسمة ما، أو لمجرد نظرة.

التقيت بأطفال يلهون بحرية في الشوارع، وبعائلات تأكل ما لذّ وطاب على موائد حدائقها، رأيت أدخنة كثيرة تنبعث في السماء من أفواه الساهرين، وأعيناً مترقّبة تكتشف وجودي فيحرّك أصحابها أفواههم بكلمات لا أدركها.. كنت أشيح بنظري عنهم لأجد عشاقاً يحتمون بظلال الأشجار هرباً من الكبار، وسيارات فارهة يصفّ أصحابها بهدوء على أبواب منازلهم، وفي أكثر الأماكن إنارة كنت أجد يداً ممتدة للسماء ومجموعة أشخاص يبتسمون لها.. كنت أضع نفسي مكانهم وأطلق العنان لخيالي، لتعيدني إلى الواقع إشارات رجل من الأسفل.. أكره هذا الرجل، كان دائم التجسّس عليّ، ماذا تراه يريد؟

في ليلة صيف هادئة، لفتت نظري ومضات جرس المنزل، كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباحاً، تفاجأت.. حملني الفضول لأرى من الطارق.. كان ذاك الرجل الكريه، لم يكن كريه الحضور فحسب، بل الرائحة كذلك، هذا ما استنتجته بعد لحظات من فتح الباب، حاولت منعه، قاومت كثيراً.. لكنني فشلت.

لقد كان حارس المنزل الذي أعمل فيه، وكان لزاماً عليّ التعامل معه، فأنا وهو من نتشارك في تسيير الأعمال من الداخل والخارج.

مع مرور الليالي، بدأ الوقوف الطويل يرهقني، ولم أعد قادرة على الالتصاق بسور الشرفة ومدّ بصري للأسفل، فكتلة بيني وبينه بدأت تظهر.. أصبحت أهرب من الفاجعة بالنوم، وعند استيقاظي ألجأ للرسم، فالرسم بالنسبة لي لغة أتقنها.. رسمت فتاة ببطن كبير، رسمت طفلاً صغيرا،ً ورسمت عائلة بلا أب وكل ما يخطر في البال من رسومات ترمز للحمل.. كنت ألقي برسوماتي هذه من الشرفة، حيث يقف ذاك الرجل، لكنه لم يعد يلتفت لي ولا لشيء منّي.. أصبحت أمرّرها مع ورقة الطلبات اليومية التي أعطيه إياها عبر الباب، لكنه كان يكتفي بتمزيقها.. حاولت أن أخبره بالإشارات لكنه اتّخذ الدرج مهرباً له واختفى. الدرج، قد يكون مخرجي، سأزرعه نزولاً وصعوداً وبأقصى ما أملك من سرعة لعلّه يُثمر بتحريري..

محاولتي الأولى لم تنجح، سأحاول غداً، لكنني سأشرب خلال سهرتي على الشرفة إبريقاً من شراب القرفة، فقد سمعت أن أثره يجدي نفعاً في هكذا حالات، وسأواظب على ضرب ذنبي الذي لم أقترفه لعلّني أتطهّر منه الليلة.

هذه حكاية فتاة ضحّت بعمرها لتنتشل عائلتها من جيوب الفقر المليئة في بلادها، هذه حكاية اكتفت بذكر الوحدة التي تعاني منها العاملات والاستغلال.
استيقظت في الصباح الباكر ولا تزال هذه الكتلة تثقل قلبي قبل جسدي.. سأعيد ما فعلته البارحة، قبل الإفطار وقبل أن يستيقظ أحدهما ويلتفت إليّ.

مرّة، مرّتان، ثلاث، أربع، خمس، آه.. لم أعد أقوى على العد، صوت لهاثي أصبح عالياً، لكنني لن أستسلم.. أين وصلت بالعد؟ لا أذكر.. إذاً من جديد.. مرّة، مرّتان، ثلا.. ثلا.. آآآه.

يا له من صداع.. يا إلهي! رأسي ينزف ويبدو أنني أنزف من مكان آخر كذلك.. آآآه.. كلّي أتألّم.. هل سيشعر بي أحدهم؟ هل سيراني أحد السكان؟ لن أستجدي الأمل، سأكتفي بضمّ نفسي على عتبات الألم، فأنا مجرّد عاملة، لا صوت لها سوى الأنين.

- هذه ليست حكايتي، هذه حكاية فتاة ضحّت بعمرها لتنتشل عائلتها من جيوب الفقر المليئة في بلادها، هذه حكاية اكتفت بذكر الوحدة التي تعاني منها العاملات والاستغلال الذي قد يواجهنه دون التطرّق للعنف اللفظي والمعنوي الذي يمارس ضدهّن.. وما خفي كان أعظم.



*تجدون التدوينة كذلك على مدونات الجزيرة:



Sunday 30 August 2015

ابن الجبل... ابن الأمل

هو ذاك الجميل، ابن الجبل البعيد والأمل الكبير، الكبير، بأفعاله وأحلامه، الحلم الأصيل، النبيل، العنيد، الذي لم يملّ من مداعبة أفكارنا ووجداننا.

هو من مسح بابتسامته حزن قلوبنا العميق رغم كل ما يحيط به من أحزان، من رسم خطوط الفرح حول عيوننا بكلمات من ألوان الطيف، من أضفى على واقعنا لون الحياة.

هو من أسرّ لنا بأمانيه فأسر حواسنا وسحر كياننا وحلّق برفقتنا حيث ينبض المنال.

ويا له من منال، أنيق كالكمان ولذيذ كحبة رمان، لكن الألم يفيض به والأمل بات يضيع منه، وما أصعبه من ضياع!

كيف لنا أن نهدئ من روعه وقد فقد روح الروح؟! أن نبوح بأذنيه وقد أرهقهما ضجيج السماء؟! أن نزرع له الأرض أزهاراً ووروداً وقد ذبلت وجنتيه وفاضت في فؤاده الجروح؟!

بأي حق نشاركه الدمع ونحن من أدرنا وجوهنا عن سيل الدماء، من تعجبنا من قهر الرجال، من جعلنا من الدمار مجالس نقاش نتبارى فيها بلا نتاج!

نتاجنا الوحيد؛ القسوة التي اجتاحت أرواحنا والأنانية التي تمكّنت منا، فتركناه بلا رفيق في درب تغتالها الحرب.
وما أبشعها من حرب! ما أبشعها من كلمة!



آه لو تخلّت عن وسطها لنخرج بأطهر معنى، وننتعش بانتعاش قلب ذاك الجميل، ابن الجبل البعيد والأمل الكبير.

Saturday 23 May 2015

من الهزة الأرضية التي ضربت نيبال: دروس ونصائح في التغطية الصحفية


في أعقاب الهزة الأرضية الأعنف في السنوات الماضية، والتي ضربت دولة نيبال، الواقعة جنوب شرق آسيا، بتاريخ 25 نيسان/ إبريل الماضي، وصل عدد الضحايا إلى ما يقارب 7.5 آلاف شخصاً.
وفي ظل تداول بعض الصور المزيّفة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية ونسبها إلى هذه الكارثة الإنسانية، خصّصت هيئة الإذاعة البريطانية BBC مادة على موقعها الإلكتروني تُظهر فيها أصل صورة انتشرت بشكل هائل على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً فيس بوك وتويتر تحت عنوان "طفل يعانق أخته عقب الهزة الأرضية في نيبال"، ليظهر أن هذه الصورة التُقطت عام 2007 في فيتنام.
على أثر الكارثة التي حلّت بنيبال قام موقع "مركز دارت"، وهو موقع موجّه للصحفيين، بتقديم مجموعة من النصائح والمصادر لتغطية الكوارث الإنسانية والطبيعية ومعرفة الطرق الأفضل للتعامل معها ومع الصدمات التي تتبعها. ننصحكم بالاطلاع عليها كاملة، هنا. وها هي بعض المقتطفات من نصائح اخترناها لكم:
1-وضع خطة مسبقة
التفكير بطريقة تغطية الأحداث حال وقوعها أمر غير مجدٍ وقد يفوّت على المؤسسة الإعلامية الكثير من الأخبار الهامة، لذا، لا بد لها من التفكير مسبقاً بالكيفية الأنسب للتعامل مع الأحداث المفاجئة، على رأسها الكوارث الطبيعية، والسؤال عن مدى كفاية وجهوزية إمكانياتها لتغطية هكذا أحداث.
2-دعم الفريق الصحفي
اعتماد فكرة العمل الجماعي وتوجيه الدعم اللازم من داخل المؤسسة للطاقم الصحفي الذي سيقوم بتغطية الكارثة، يعدّ من أنجح الطرق التي يجب أن ينتهجها المسؤولون في المؤسسات الإعلامية للخروج بإنتاج صحفي مميّز يتزامن مع الحفاظ على تماسك الفريق. وهنا نصائح تساعد على ذلك:
-قبل بدء المهمة
1-الجلوس مع الفريق الصحفي ورسم صورة مسبقة له لما قد يواجهه خلال تغطيته للكارثة، إعلامه بالمخاطر الجسدية والنفسية التي سيتعرض لها، وإرشاده إلى كيفية التعامل معها، مع ضرورة إخباره بما ستقدمه له مؤسسته من دعم خلال ذلك.
2-إظهار التقدير والإمتنان للصحفيين الذين سيغطّون الكارثة، هذا سيدعمهم ويساعدهم على المضيّ قدماً.
3-إيجاد طرق اتصال دائمة بالصحفي للاطمئنان عليه وإشعاره بالأمان على الرغم من ظروف التغطية الصعبة
-خلال المهمة
1-التشجيع الدائم والحث على الاستمرار في العمل، فالأشخاص بشكل عام يصبحون أكثر هشاشة وضعفاً في الصدمات، وتصبح الحاجة إلى دعمهم أكثر أهمية من أي وقت سابق.
2-إيصال رسالة إلى الفريق الصحفي مفادها "لا بأس لو شعرت بالوهن، لا بأس لو أخبرتنا عن مشاعر الخوف والضعف التي تعتريك، فأنت إنسان في نهاية المطاف".
3-الاستمرار بالتذكير بضرورة اعتناء الفريق الصحفي بنفسه، وبحاجته إلى النوم الجيد والأكل وممارسة الرياضة إن استطاع والترفيه للحفاظ على توازنه خلال تغطية الأحداث.
4-توفير كل ما يحتاجه الفريق الصحفي في أرض الحدث، فأي نقص قد يزيد من توتره ويقلّل من إنتاجيته. ننصحكم أيضاً بالاطلاع على نصائح للمحررين والمدراء لمزيد من المعلومات.
-بعد إنجاز المهمة
اشكر فريقك الصحفي على أداء مهمته، بالغ بشكره، أظهر له تقديرك واحترامك، سراً وعلانية، فذلك سيحثّه على مزيد من الإنتاجية. يمكنكم قراءة دليل حول مساعدة المراسلين والمحررين على تغطية الأحداث العنيفة والمؤسفة مع الحرص على حماية أنفسهم والضحايا على حدٍ سواء.
إتقان الصحفي لأخلاقيات التعامل مع الضحية، حتى يخرج في نهاية المطاف بقصة مؤثرة وصادقة دون التعدي على حق أحدهم. من الأخلاقيات التي يجب صونها بالتعاطي مع الضحية:
- احترامها وحفظ كرامتها
- تقبّل رفضها عدم الحديث، ولكن عدم سدّ الباب نهائياً، بل إعطائها وسيلة اتصال في حال غيّرت رأيها، وفي معظم الأحيان ستغيّر رأيها وتعود للبوح بقصتها.
- التعامل معها كحالة منفصلة ومهمة، وعدم اعتبارها رقماً.
- عدم التسرّع بالنشر، والتأكد من كل معلومة تم الحصول عليها من الضحية، حتى لا يتم وضعها أو وضعك بموقف محرج.
- عدم التركيز على الموت وكيفية حدوثه بقدر التركيز على حياة الضحايا قبل موتهم أو قبل أن يحلّ بمنطقتهم الدمار.
- تجنّب إعادة نشر صور الدمار أو الأموات في الذكرى السنوية للكارثة أو الموت، بل التركيز على التحسينات التي تمّت في الأماكن المنكوبة، وكذلك نشر لمحات من حياة من قضوا في تلك الكارثة.
في الوقت الذي ستتابع فيه معظم الوسائل الإعلامية تطور الأحداث بشكل عام وستتعامل مع الضحايا كأرقام، ركّز جهدك على الأفراد، ولاحق حكاياتهم الصغيرة لتخلق منها قصة كبيرة من شأنها أن تؤثّر في القرّاء وتُظهر الجوانب المخفية من الحدث، لكن، وخلال ذلك، تذكّر ما يلي:
- لا بأس لو تأخرت عن موعد تسليم مادتك إن كانت الضحية سبباً في ذلك، فالحصول على مادة جيدة يتطلّب منك الصبر على الضحية التي تعيش حالة مأساوية وتحتاج لأجواء آمنة حتى تشعر بالراحة وتتحدث.
- عبّر لضحيتك عن حزنك لما جرى معه/ها، ولكن، إيّاك وأن تقول للضحية عبارات مثل "إنّي أشعر بمصابك" فهذا سيشعر الأخير بمبالغتك وبعدم صدقك.
- لا تبدأ بأسئلة صعبة ومعقدة، بل اسأل ببساطة عمّا حدث واستمع، حينها ستحصل على كل الإجابات.
- تجنّب بعد انقضاء الكارثة إعادة نشر صور الضحايا، فهذا قد يزعج أهلهم أو يؤثر سلباً عليهم.
- مهما كانت السرعة مهمة في عملك الصحفي، عليك أن تتوخّى الحذر قبل النشر، والتحقق، ثم التحقق لتتجنب أي خطأ قد يؤثر سلباً على الضحية.
لقراءة النصائح والإرشادات الكاملة، انقر هنا.
تحمل الصورة رخصة النطاق العام على ويكيميديا، بواسطة Hilmi Hacaloğlu.

*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين  :ijnet

Tuesday 1 October 2013

فتاة شرقية




تحلّق كالفراشة
فتُصطاد كالفريسة


تغرّد بكل براءة
فتُقذف بالرصاصة


تبوحُ لمن حولها
فيزول صوتها


وأخيراً
تصمت مجبرة
وتتقيّد بدون إرادة منها


تحاول الهمس
لكن روحها تعجز


فيتلاشى الأمل
ويظنها تجيد الادعاء
كغيرها من البشر

Sunday 29 September 2013

فِي سَبِيلِ النَّقَاءْ




أنْ يَذُوبَ العِشْق
ويَسُودَ النَّأْيُ والهَجْر

أنْ تبوحَ بِعَكْسِ الحُب
وتَتَجَنّبَ القُرْب

أنْ تَزُولَ رَغْبَتُك
وتَرْفَعَ رَايَةَ البُعْد

لمُجَرّد بَوْح
أُرِيدَ بِهِ زُهْد
عَلَى رَغْمِ الوِجْد

لِيَدُومَ الوِد
ولِتَشْتَعِلَ صَبَابَةُ الشَّوْق
في الرُوحِ والقَلْب

فَهَذَا يَا مُهْجَتِي
مَا أَعْجَزُ عَنْ فَهْمِه
وأَحْزَنُ لفِعْلِه

Thursday 31 January 2013

سورية الروح



    أعجز عن تكوين رأيٍ حيال ما يحصل في سورية (أملي ونبض روحي) حُلُمي منذ الصغر! 


     هل أنحاز للأحرار، أم للنظام.. أم أستمر بالحياد وبتجاهل الدمار؟! وبالحالة الأخيرة سأكون شيطاناً أخرساً لا محال.


لكنّي حقاً غارقة بالحيرة ومتعطشة لومضة حقيقة.

     على الضفة الأولى؛ أسمعهم يشكون النظام وويلاته، يعدّونها لي، يخبروني عن مشاهداتهم لما أحدثه وعن تنبؤاتهم لما هو مقدمٌ عليه، ولا يصمت أحدهم قبل أن يخبرني عن وحشيته وفاشيته.


     وعلى الضفة الثانية؛ يخبروني عن سورية التي ضاعت، وعن الدماء التي هُدرت وعن الحياة التي توقفت، ثم يسألونني "أهكذا تُطلب الحرية؟" ويضيفون باستنكار "أتكون الحرية بتدخلٍ خارجي؟!".


     من الضفة الأولى؛ علمنا عن شابٍ اعتُقل وهو لم يُكمل بعد الـ 18 ربيعاً، ذهب لشراء ما يسدّ جوعه لكنه لم يعد إلا بعد ثلاثة أشهرٍ احترق خلالها قلب والدته وجفّت فيها روحه الفتية.


     ومن الضفة الثانية؛ احترقت قلوبنا مؤخراً على رجل في العقد الثالث من عمره، كان في طريقه إلى زوجته وأولاده، إلا أن قناصاً من الجيش الحر باغته فأفقده وعيه، وهو إلى الآن على فراش الشفاء أو الموت! لست أدري! أهله من حوله ينتظرون حركةً منه، وقلوبنا لأجله تصلي ليلاً نهاراً.

     كانت رؤيتي واضحةً في بداية الأحداث، بل كان حماس الانتفاضة يملؤني ويحركني، ما دعا كثيراً من أهلي إلى تأنيبي.

     لكنّي الآن بحيرةٍ من كل ما يحصل، سواءٌ في (سورية الروح) أو في غيرها من البلدان العربية، والصمت، رغماً عني، يقتحمني ويسيطر عليّ!

فإلى متى لستُ أدري!

     وهل يا تُرى سنفخر بحاضرنا هذا في المستقبل أم أنه سيتحول إلى ندبٍ يصعب استئصاله من بين صفحات التاريخ؟



#من وحي التأمل

Wednesday 26 December 2012

لنتوارث الذاكرة


فقط كي لا ننسى
أن احتلال الوطن هو الأقسى
وأن كامل أراضينا أغلى ما إليه نسعى
وأن السواد الأعظم في الشتات إلى يومنا هذا يشقى

     كي لا ننسى ولنتوارث الذاكرة جيلاً بعد جيل؛ أدعوكم إلى قراءة تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "عامود السحاب واغتيال الطفولة" الذي يوثّق الدمار الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بالفترة (14-21) تشرين الثاني/نوفمبر لهذا العام.

     ابتدأ هذا العدوان باغتيال القائد العسكري في حركة حماس أحمد الجعبري، ما دفع الفصائل الفلسطينية إلى الثأر لدم هذا البطل، ليستمر العدوان والدمار من الجانب الإسرائيلي ثمانية أيامٍ متتالية على القطاع، انهمرت خلالها أنهار من الدماء، لم تتوقف إلا بهدنة بين الطرفين تقضي بوقف تبادل النيران.

     يركّز هذا التقرير على ضحايا القطاع الأطفال الذين قتلوا خلال العدوان الأخير، حيث يوثّق حكاية 41 طفلاً غزّياً قتلوا ولم يتجاوز عمرهم الثامنة عشر! هؤلاء أطفال كانوا يرسمون مستقبلهم ويخطّطون له، كانوا يحلمون بغدٍ مختلف، غدٍ يُعيدون فيه الحق الذي سُلب من آبائهم، لكن قوّات الاحتلال قضت عليهم فاطمأن بالُها.

     هؤلاء أطفال بعمر الزهور، غابوا لكن روح النصر في داخلهم بقِيَت مرفرفة وستبقى ما دامت الذاكرة متوارثة.

     اقرؤا تقرير "عامود السحاب واغتيال الطفولة" التوثيقي واسمحوا لعبَراتكم بالانهمار، لعلّ الأرواح تتطهّر، والمقاومة تظهر، وتُثمر. وانشروه كذلك لعلّ انتشاره يكون تمهيداً لإدانة ومحاكمة قادة الاحتلال ومن وقف إلى جانبهم.



Monday 26 November 2012

هذيان على هامش الدمع




     هي كذلك أرهقها الضغط، وأخمد طموحها، وأحال حياتها إلى كسلٍ ومللٍ وخمول، لكنها لم تكُن تُلقي بالاً لذلك، كانت سعيدة بما تُقدّم، فخورة بما تُنجز، متعطّشة لتنهل مزيداً من المجهول، ممنّيةً نفسها بتحسين الأحوال، وبتنظيم الأمور.

     كان الوقت قد حان بالنسبة لها لتبدأ حياةً جديدة، مليئةً بالإنجاز والاعتماد على الذات، وهذا ما حدث بالفعل، فالاعتماد تم والإنجاز كذلك، إلا أنه لم يكن إنجازاً كافياً بالنسبة لتطلعاتها، فقد اقتصر على أمرٍ واحد، لم تكُن تفكر به في السابق، ومع ذلك صمتت، وقررت الإكمال، وأسرّت لنفسها تواسيها "لا بأس يا روحي فلا تزالين في مقتبل العمر، والأبواب ستفتح أمامك عما قريب.. اصبري ستسعدي وستلمسي بأناملك المنال".

     لكن استخفاف بعضهم بما تُقدّم، وعدم اعترافهم بما تُنجز كانا كصفعةٍ تُوجّه لها! فهل هذا جزاء الإحسان؟! هل يُكلّفها صمتها وعدم تذمرها كل ذاك الإنكار؟! كانت تعتقد أن الصمت واحتساب الأجر هما ما ينفعان، لكن؛ يبدو أن معادلة الكون مختلفة، وأن عليها استيعابها أو فعليها السلام.

     جميعهم في ذاك اليوم اجتمعوا ليعترضوا، وهي كذلك كانت معهم، تحدثوا كثيراً، اتفقت معهم سراً في معظم أقوالهم، وكانت لها إضافات، حاولت الإلقاء بها في تلك اللحظات، لكن روحها "للمرة الألف" تؤثر الصمت على الكلام! ها هو صمتها يخونها من جديد! وبّخته بسرّها "تباً لك أيها الصمت.. متى تكفّني؟!" لكنه بقي صامتاً كعادته.

     لطالما نقلت رسائل غيرها، من أحزانٍ وشكاوى، من تمنّياتٍ وآمال، من اعتراضاتٍ واقتراحات، لكنها فاشلةٌ بنقل آرائها، أو بالإبلاغ عن أمنياتها وحاجاتها.

     لا تملك مع الغير سوى صمتٍ ودمع، وعجزٍ عن الإفصاح عما يختلج الصدر من أحزانٍ أو حتى أفراح! 

Thursday 8 November 2012

عدم وجود



هي لحظة تنعدم فيها حياة أحد المخلوقين،

وتبهت بها أرواح الشاهدين والسامعين،

لحظة لا مفرّ منها ولا توقيت لها،

تحضر فجأة،

تخطف أحدهم بقوّة

ثم تنتقل لآخر

ظنّ هذا المساء

أنه على موعدٍ مع الحياة!


قاسٍ أنت أيها الشبح،

تأتي على غفلة

فتغتال أحلام الأحبّة

وتمحو البهجة من الأفئدة

وتُفرّق الأعزّة

لتزرع الأسى والكآبة،


تأتي وتنتشلهم من الوجود

وتُلقي بهم في العدم

دون أن تفكر قليلاً

بما رسموه لمستقبلهم

أو ما رسمه لهم حاضرهم!


متى تكفّنا أيها الشبح البغيض؟!

أم أنك القدر والمصير

ونحن عليك قاسون

ومع ذلك إليك منتهون


هلاّ منحتنا أيها الشبح وقتاً؟
حتى نُرتّب أوراقنا 
ونُودّع أحبابنا
ونُلملم أغراضنا