Showing posts with label حُبْ خَاطِفْ. Show all posts
Showing posts with label حُبْ خَاطِفْ. Show all posts

Saturday 7 July 2012

هَوَاجِسُ الأَحْلَامِ هِيَ الأَصْدَقْ

من تدوينات مكتوب المرحوم - 2012

      استرقَتْ نظرةً سريعةً إلى المرآة قبلَ أنْ تُغادر المنزل، فوجدت عينَيها تتلألآن، ووجنَتَيها ترتفعان فرحاً، غادرتْ المنزل، فداعبتها في الطريق نسماتُ ريحٍ لطيفة، أخذَتْ نفساً عميقاً ثمّ أكملت المَسِير.

     وصلَت خلال سيرها إلى شارعٍ لطالما أحبّته، فيهِ جسرٌ كلّما نظرت إليه ازدادت رهبةً… الجميع يعبُرْهُ، إلاّ هي، تخشى العُبور، لكن رغبتَها في ذلك تكبُرُ يوماً بعدَ يوم. فعُبورُ ذاكَ الجسر سيُوصِلُها حيثُ الحبيب، الذي أخبرها ذاتَ شتاء؛ أنّ بابهُ مفتوحٌ لها متى شاءت.

     وقفَتْ أمامَ الجِسر للحظات، أطالت النظر إلى أدْراجه، ثمّ وأخيراً صَعَدتْها…

     عبَرَتْ الجِسْرَ إذاً، فقابلها مبنى لها معَهُ ذكريات ليست جميلة ولا سيّئة، لكنّ حاضرها معهُ أخّاذ… دخلت المبنى واتّجهت بحماسٍ إلى مكتب ذاك الحبيب، الذي استقبلها بفتور!

     بقِيت واقفةً، فهو لم يدعُها للجلوس، سألتهُ عن حاله فأجابها أنّهُ بخير، لكنّهُ لم يسألها عن حالها، حتى أنّهُ لم يُثنِ على مظهرها كعادته، ولَمْ يُطِل النّظر إلى عينيها!

     انتابتها رغبةٌ شديدةٌ بالبكاء، سألتهُ إن كانت قادرة على مُحادثته قليلاً، فالشوق داخلها مُشتعلٌ، اعتذر لها، وسألَها الرّحيل، فهو على موعدٍ مع امرأةٍ أكثرَ سِحْراً، وأقلّ تعلُّقاً، والغرورُ يملأُ روحَها.

     التفَتَتْ إلى البابِ استعداداً لمغادرة مكتبه، خَطَتْ ببُطءٍ علّهُ يُنادي عليها كي تعود، لكنّها وصلت إلى الباب مكسورةَ الخاطرِ جارَّةً لأذيالِ خيبةٍ قاسيةٍ اعتقدَتْ أنّها فارقتها، نظرت إليه قبل الرحيل، وقالت والدّمعُ يُزاحمُ مُقلَتَيْها: من هذه اللّحظة؛ أنا أكرهُك… إلاّ أنّهُ لَمْ يُلقِ اهىتماماً لِما صرَّحت به.

     عبرَتْ الجِسْر من جديد، والخذلانُ رفيقُها، الحُزن لَمْ يُشعِرْها بالضوضاء من حولها، إلاّ أنّ صفيراً مُفاجئاً ملأَ المكان، لتفتح عينيها على وهج هاتفها النّقال…

     هي السّاعةُ السّابعةُ صباحاً، حانَ وقتُ الاستيقاظِ إذاً، ولتتبخّر تلكَ الصُّور التي لا تفارقُ أحلامَها مُنذُ لاقَت الحبيب! تناولَتْ هاتفها النّقال، وصبّحت عليهِ كعادتها برسالةٍ نصّية مليئةٍ بالمشاعر…

     لكن؛ إلى متى ستستمرُ تلكَ العاشقة بتجاهُلِ ما يجول في خاطرها من قلقٍ وحيرة؟!   


لَحْظَـةٌ خَاطِفَـةٌ

من تدوينات مكتوب المرحوم - 2012

      إذاً فقد أوفى بوعده؛ اتصل بها البارحة فدقّ قلبُها، وارتعشت أنامِلُها، أجابتْهُ بلهفة، فسألها بشكلٍ مُستعجَلٍ عن حالها وعن أخبارها، ثم اعتذر لها عن غيابه تلك الفترة…

     حدّثتْهُ عن شوقها الدائم له، وعن الحُزن الذي سبّبهُ غيابه، ونقلت لهُ رغبتها بدوام الاتصال بينهُما، فبادلها ذات الشعور بالكلمات، لكن لاوعيَهُ أخبرها بما حاول إخفاءَهُ! أخبرها أنّهُ ضَجِرَ ذاك الحُب الخاطف، وأنّهُ أساساً لا يهوى تلك المُراسلات الغرامية، ولا وقت له لذلك، بالمقابل؛ أكّد لها أنّ تلك اللّحظات كانت تُسعدهُ وتغمُرهُ بالحنان، لكنّهُ الآن غيرُ مُتفرغٍ لها، فالضيقُ يُسيطرُ عليه…

     وقبل أنْ يُنهي المُكالمة؛ اعتذرَت لهُ عمّا سبّبتهُ له من قلقٍ بسبب ملاحقتها الدائمة له، فباحَ لها بحبه، وسألَها عدم التحوّل عمّا اعتادَهُ منها، فشكّت بِصِدْق بَوْحِه، وتَاهَت بالمقصود مِن طَلَبِه، وبِتَبْعاتِهِ إنْ نفّذت..! 

     اسْتَذكرَتْ أنّ الضيق كان رفيقها الدائم، ومع ذلك لم يُبعِدها عمّن اتّخذَتهُ خليلاً، بلْ إنّ حُزنَها وألمَها كانا يتلاشيان كلّما حضرَ طَيْفَهُ، فكيف إن لاقتْهُ!

     لتُدرك؛ تلك التي أرسلت له في أواخر الشّتاء:

· كُلَّمَا دَاعَبَتْ الرِّيحُ وَجْنَتَاي ذَكَرْتُك! أَيُّ سِحْرٍ هَذَا الّذِي أَحْدَثْتَهُ بِوِجْدَانِي؟!

     لتُدركَ أنّ السُحُبَ تبدّدت، وأنّ الشّمسَ بَزَغَتْ، وأنّ المطر كفَّ عن هُطوله، وأنّ ما بَيْنَهُما أقرب ما يكون لبَرْقٍ أَشَعَّ للحظاتٍ ثُمّ اختفى!

     نَعَم هي كذلك اللّحظة المُهيْمِنة على البشر، فيتوهّمُ الجاهلُ لمعناها آمالاً لن تتحققَ إلاّ بالأحلام، أمّا الواعي لها؛ فيتّخِذُها منهجاً لِسَيْر الحياة.