Saturday 7 July 2012

لَحْظَـةٌ خَاطِفَـةٌ

من تدوينات مكتوب المرحوم - 2012

      إذاً فقد أوفى بوعده؛ اتصل بها البارحة فدقّ قلبُها، وارتعشت أنامِلُها، أجابتْهُ بلهفة، فسألها بشكلٍ مُستعجَلٍ عن حالها وعن أخبارها، ثم اعتذر لها عن غيابه تلك الفترة…

     حدّثتْهُ عن شوقها الدائم له، وعن الحُزن الذي سبّبهُ غيابه، ونقلت لهُ رغبتها بدوام الاتصال بينهُما، فبادلها ذات الشعور بالكلمات، لكن لاوعيَهُ أخبرها بما حاول إخفاءَهُ! أخبرها أنّهُ ضَجِرَ ذاك الحُب الخاطف، وأنّهُ أساساً لا يهوى تلك المُراسلات الغرامية، ولا وقت له لذلك، بالمقابل؛ أكّد لها أنّ تلك اللّحظات كانت تُسعدهُ وتغمُرهُ بالحنان، لكنّهُ الآن غيرُ مُتفرغٍ لها، فالضيقُ يُسيطرُ عليه…

     وقبل أنْ يُنهي المُكالمة؛ اعتذرَت لهُ عمّا سبّبتهُ له من قلقٍ بسبب ملاحقتها الدائمة له، فباحَ لها بحبه، وسألَها عدم التحوّل عمّا اعتادَهُ منها، فشكّت بِصِدْق بَوْحِه، وتَاهَت بالمقصود مِن طَلَبِه، وبِتَبْعاتِهِ إنْ نفّذت..! 

     اسْتَذكرَتْ أنّ الضيق كان رفيقها الدائم، ومع ذلك لم يُبعِدها عمّن اتّخذَتهُ خليلاً، بلْ إنّ حُزنَها وألمَها كانا يتلاشيان كلّما حضرَ طَيْفَهُ، فكيف إن لاقتْهُ!

     لتُدرك؛ تلك التي أرسلت له في أواخر الشّتاء:

· كُلَّمَا دَاعَبَتْ الرِّيحُ وَجْنَتَاي ذَكَرْتُك! أَيُّ سِحْرٍ هَذَا الّذِي أَحْدَثْتَهُ بِوِجْدَانِي؟!

     لتُدركَ أنّ السُحُبَ تبدّدت، وأنّ الشّمسَ بَزَغَتْ، وأنّ المطر كفَّ عن هُطوله، وأنّ ما بَيْنَهُما أقرب ما يكون لبَرْقٍ أَشَعَّ للحظاتٍ ثُمّ اختفى!

     نَعَم هي كذلك اللّحظة المُهيْمِنة على البشر، فيتوهّمُ الجاهلُ لمعناها آمالاً لن تتحققَ إلاّ بالأحلام، أمّا الواعي لها؛ فيتّخِذُها منهجاً لِسَيْر الحياة.

No comments:

Post a Comment