Friday 6 July 2012

ياسَمينةٌ تَنْتَحِب




من تدوينات مكتوب المرحوم - 2012

     عادَتُهُ قطفُ الزُّهور، والياسَمينُ إدمانُهُ…

     في كلِّ مرَّةٍ يتنزّهُ خلالَها في البُسْتان؛ تقتنصُ عيناهُ زهرةً مُختلفةً، فيقطِفُها بالخفاء، ثمَّ يُنعشُ روحَهُ بعطرها الأخّاذ، وقبل أن تذبُل؛ يقذفُ بها إلى الهاوية، حتى تذبُل بعيداً عن عَيْنَيه.
     فلا يشعُرُ بجريمته..!
     وسُرعان ما يهُمُّ بالبحثِ عن زهرةٍ أُخرى، تكونُ لهُ السّاقية…

     بعدَ أعوامٍ على هذا الحال؛
أذهل مَن حولَهُ حينَ أعلَنَ عن قَطْفِهِ لزهرة البنفسج، أقسمَ يومَها أنْ يَفي للبنفسج طالما قلبُهُ ينبضُ بالحياة…

     ارتابَ مَن حولَهُ بإعلانه…
أمّا الزّهرةُ المأخوذةُ بهالته المخادعة؛ وثِقَت بعهده، وأغفلت عَقْلَها عن ماضيه المكشوف للجميع.

     اجتمعت الزُّهور على تهنئته وبنفسجته،
إلاّ زهرة الياسَمين، التي جمعها معهُ تاريخٌ مختلف، فهي مَن ضمَّها لصدره فترةً أطول، وأخبرها أنّهُ لو كان بمقدوره لوهبها عُمْرَه، لكنّهُ ألقى بها سريعاً…

     وكانت حُجّتُهُ؛
-       يؤرقني التفكير بأنّ عطركِ سيغيبُ في يومٍ من الأيّام، كما أخشى عليكِ من الموت بين يديّ..!
     خوفَهُ عليها أقصاها…
فأصبحت تَتْبعُ خُطاه من بعيد، دون إحداث أيّة جَلَبة…

     وحين وصَلَها إعلانه؛ حزِنت دون أن تُظهر ذلك، فالبنفسجُ صديقتُها، والمهنئون كذلك!
تجاهلت الحادثة، وانسحبت بهدوء، داعية الله أن يمُدّ البنفسج بما يكفي من الصبر والجَلَد لاحتمال حياتها الجديدة…

     لكن تساؤلاً بقيت إجابته تؤرقها؛
-       تُرى هل ستذبُلُ زهرة البنفسج بين يديه، أم أنّها تستحقُ الحياة عكس باقي الزُّهور؟!


No comments:

Post a Comment