من تدوينات مكتوب المرحوم - 2011
ملاكٌ بين الذئاب وسيبقى كذلك، هكذا كان انطباعها الأول عنه، انطباعٌ أضحكه كثيرا، وتنكر له أكثر، لكنّها بقيت مُصِرةً عليه. فمنذ أول لقاء معه؛ شدّها اختلافه، بأسلوبه، وبأفكاره، وبهدوئه الذي سحرها.
لَم تتوقع أنّ حديثا بسيطا بينهما سيُفضي إلى مشروعٍ مقدسٍ يجمعهما، كما لَم تُصَدّق أنّ مبادرةً غير مدروسةٍ منه ستُعَلّقُ قلبها الهشّ بروحه التائهة، وما لَم يتبادر إلى ذهنها بعد ذلك؛ هو أن تلهث خلف رجلٍ أنكرها من أجلِ امرأةٍ لا تزالُ روحُها مُقَيّدةٌ له.
نعم… لقد أنكرها بعد أن عقدَ الاتفاقات معها، أنكرها بعد أن أعلن سيطرتها التامّة، أنكرها بعد أن عادت حبيبةُ صِبَاهْ.
قالت له: أنت حبيبي… ألم يكن هذا اتفاقنا في البارحة؟!
قال لها: بل كان وهماً اعتقدناه…
سألته بحنان: أين حبُّكَ الذي أنمتني عليه الليلة الماضية؟
اعترف بقسوة: حبيبتي الأولى لا تزال تسيطر على كياني! لقد أردتكِ زوجةً لي، واعتقدتُ أنّكِ سَتُبيدي مُعَذّبَتي تلك من ذاكرتي.. لكنّي لا أزال أحبها، وسأبقى كذلك.
قالت له بذهول: لكنّكَ تقتلُ ربيعَ عُمرك من أجل امرأةٍ مملوكةٍ لغيرك!
قال لها بضيق: هذا أنا، وهذا نصيبي من هذه الحياة.
عَبَراتُها انهمرت بعد كلماته تلك، حتى استحال ما حولها إلى ضباب لا روح تميزه.
قررت الرحيل، واتخذت الكرهَ بديلاً عن الحب، فهو ليس إلا ذئباً كما الآخرين.
لكنّ قلبها نفرَ من كرهه! أَيُعْقَل أن تَبغِضَ ملاكاً زرع داخلها الطمأنينةَ والأمان! ملاكاً أعادَ ثقتها بالرجال! وقبل ذلك ثقتها بروحها دائمة الانهزام! ملاكاً كانت آخر مطالبه التحليق واللامبالاة!
على ما يبدو أنّهُ أرادَ أن يحررها من قيوده، وأن يبعدها.. لعلَّ الزمن يَهَبَهُ من هي أجدرُ بلقب الحبيبة.
جرّت كعادتها روحها المنكسرة ورحلت، لكنّه بَقِيَ بعينيها ملاكاً كأوّل مرةٍ حدّثته بها، كيف لا وهو مشروعها المعلن أمام البشر!
مَلاكِي؛ اتَفَقْنَا عَلَى الفِرَاقِ مُجْبَرَةً، فَتَبَخّرْ مِنْ عَالَمِي بِسَلامٍ مُقْتَنِعاً…
No comments:
Post a Comment