Friday 6 July 2012

الثورة القادمة هي الأقوى





من تدوينات مكتوب المرحوم - 2011

    كان ياما كان، في قديم الزمان وسالف العصر والأوان؛ كان هنالك شعوب عظيمة بأخلاقها، وبمبادئها، وبأنسابها، كانت متفرقة على أنحاء المعمورة، لكن لغة واحدة كانت تجمعها، وكتاب واحد كذلك، ومع هذا كانت ترحب بالاختلاف، فالأصل عندها المعاملة.

     كانت هذه الشعوب تمتلك أحلى صفات البشر، وأكثرها رقياً، كانت تمتاز بالكرم والشهامة، تحسن معاملة الجار، والضيف، والكهل، والطفل، والمصاب، والمرأة كذلك. فقد كانت تعي أهمية المرأة، كانت تعرف أنها نصف المجتمع، وهذا ما لم تفهمه شعوب كثيرة إلا متأخرا!

    كانت تلك الشعوب تحترم قادتها وتقدرهم، فهذا ما يستحقونه، أوليسوا هم الذين يوفرون لهم الحياة الكريمة ويسيرون أمور البلاد؟ لعل أكثر ما ضر تلك الشعوب عبر التاريخ؛ هم قادتها، بالإضافة إلى البعد عن كتاب الله.

    كان القادة عبر الزمان مطمئنين لحال شعوبهم، ذاك الحال الصامت، الحامد، الذي يتمثل جلّ طموحه بالسترة!

    كانت تلك الشعوب طيبة الأصل وحسنة الأخلاق، ما جعل القادة يتمادون بالظلم، ويعيثون بالأرض فسادا.

    لم تستيقظ تلك الشعوب إلا متأخرا! لتجد نفسها تحت أنظمة دكتاتورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وجدت أن الفساد يعم المجتمع، وأن الفقر هو سمة الأفراد، وأن كل الصفات الحميدة التي كانت تتحلى بها ليست إلا سرابا!

     نظرت إلى قادتها، فلم تجد بهم رجلا يستحق لقب الحاكم! ونظرت إلى ذاتها، فتساءلت؛ هل نحن الشعوب التي يجمعها كتاب الله؟! إذاً؛ ما بالنا لا تظهر علينا صفات الكتاب؟!

    لقد تدهور حال أروع الشعوب! فلم تعد الحكومات فاسدة فحسب، بل انتقلت العدوى إلى الشعوب!

    قررت ثلة من تلك الشعوب أن تثور على قادتها، لعلها تصلح من ذاتها.

     وثارت تلك الثلة ونجحت! الأمر الذي لم يكن يتوقعه أحد! فالصورة التي رسمت عن تلك الشعوب؛ كانت صورة الشعوب المستضعفة، القانعة باللاشيء، التي وإن ثارت؛ فإنها سرعان ما تهدأ!

    لكنها هذه المرة؛ ثارت ولم تهدأ، ثارت ولبّت أولى مطالبها، ثارت ونقلت عدوى الثورة لمن حولها، ثارت وأزاحت هؤلاء التماثيل المغبرة! إلا أن بعضهم لم يستوعب بعد معنى تلك الثورة، فما زال بغبائه ينادي، ولكن صوت الشعوب أقوى، فالشعوب عازمة على إسقاطه وإسقاط أمثاله.

     لقد ثارت هذه الشعوب بسبب ظلم الحكام وفسادهم، ثارت بسبب القوانين التي تتماشى وأهوائهم، ثارت بسبب التضييق على الإعلام، وقبل هذا وذاك؛ ثارت بسبب الجوع القاهر! نعم، هذه شعوب ثارت حين جاعت، ولا عيب بذلك.

     والأمل من هذه الشعوب التي يجمعها كتاب واحد؛ أن تكون ثورتها القادمة من أجل انتهاك حرمات الله.

     وأن تستمر في ثوراتها حتى تعلو كلمة الحق، فبعلوها ستعود أروع الشعوب على الإطلاق.

     وكما قال  الفاروق، عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره؛ أذلنا الله).

* نُشر هذا المقال لأول مرة بتاريخ 14 آذار 2011 


No comments:

Post a Comment