Friday 6 July 2012

أَتُرَاهُ يَذْكُـرْ؟!





من تدوينات مكتوب المرحوم - 2011

      · أرسلَ لها ذاتَ شتاء: صندوقكِ يؤنسُني في لياليّ الرماديّة، فَفيهِ جديلةٌ وقصيدة، وقلبُ امرأةٍ أخلو إليه ساعاتٍ، فيمنحُني بين جدران غُربتي؛ شعوراً آمناً، دافئاً.
· أرسلت له: اِفتح الصُّندوق، وقبّل الجديلة، فهي بحالةِ احتضارٍ.
· ردَّ عليها: جديلتُكِ بين يديّ، أُقَبّلُها لحظةً، وأُحدثُّها أخرى، هي بأحسن حال، لا تزالُ يافعةً، نَضِرَةً، جميلةً.
· أرسلت له في يومٍ غائمٍ بارد: مُهجتي الغائبة، اليوم داعبتني الرّيح، ولامستني قطراتُ غيثٍ مُشاكسة، فَذَكَرتُك… آه يا مهجتي، بقدر سعادتي بهذه الأجواء؛ بقدر حزني، فحبيبي ليس بجواري! أرجوك لا تتركني، وهدّئ قلبي، فهو بحالة هَيَجانٍ…
· لَمْ يُجبها، فأرسلت له: يا أَنيسَ وحشتي، أدمنتُ وصْلكَ فجُد عليّ بحُبٍ وحنانٍ أُخمدُ بهما أشواقي المُلتهبة.

     أرسل لها بعد فترةٍ رسالةً يُوَبّخُها بها على سوءِ ظنّها به، ويسألُها الغياب، فهو لم يعُد يُطِق جيش النّفاق الذي يجري داخلها!


     لَمْ تُطِل التّفكير بشأن هذه الكلمات، فهي افتراءُ هرَّةٍ خبيثة، لطالما أظهرت كَيْدها من حُبّهما، وها هي تنجح بإشعال فتيلِ الفتنة بينهما.

     فآثرت تلك العاشقة الصّمت، وأخفت الحُزن، ورحلت كَيْلا تزدادَ لوْثةً من خبيثةٍ ادَّعت الصّداقة، ومن حبيبٍ منعَهُ كبرياؤهُ مِن تحرّي الحقيقة!

     لكنّ ذِكْرَهُ لا يزالُ يُرافقها، خاصّة في صباحاتِ أيّامهم الأولى، حينَ كان يستيقِظُ على صوتِها، فيشكُرُها ويُرسلُ لها قُبلةً، ثمّ ينطلقُ إلى عمله.

     كانت تَتَبّعُ خطواته الواثقة بعينيها الحالِمتَين، فتدعُوَ الله أن يحْرُسه ويحميه. وتنتظرُ في المساء كلماتٍ اعتادت توقيتها، لطالما خطفت روحَها بسحرها.

     أتُراهُ يعودُ بخيالِهِ لروعةَ الماضي؟ أمْ أنّ تلك الهرّة استطاعت إحالةَ حُبّهِ إلى كُرْه، فتبخّرت أشواقُهُ وذكرياتُه! أتُراهُ يَطْمئنُ على صُندوقها وكُنوزِه، أمْ أنّ الهجْرَ هو الحلُّ لامرأةٍ مُتعددة الألوان! أَتُراهُ يَذكُرُ عينَيْها الدّامعتَين، وشَفتَيْها المُرتَجِفتَيْن يوم وداعِه، أمْ أنّها بنظرِهِ أُنثى أجادت فنَّ التّمثيل!

    بعدَ أنْ كانَ مِلْكَها، فقدتْهُ بفعلِ الغيرةِ والحقد، فلمْ تعُد تملِك سوى طريقٍ تسلكه وحيدةً، بِحَذرٍ من غدْرٍ مُحتَمل.


No comments:

Post a Comment