– 18 شركة غير مرخصة تعمل باقتسام الوقت.
– نظام اقتسام الوقت في الأدراج الحكومية منذ 2008.
– عقود مضللة تكبل أيادي منتفعين بشروط قاسية.
*هنا يمكنكم الاستماع للنقاش الذي تم بخصوص التحقيق على راديو البلد.
أثناء تجوال إبراهيم الحصان، 55 عاماً، مع عائلته في أحد مولات عمان الغربية، أوقفهم مندوب مبيعات أنيق الهندام، مهذب الكلام، طالباً منهم الإجابة على سؤالٍ بسيط.
ما إن أجاب إبراهيم الذي يعمل مهندساً في الخليج على السؤال، حتى أخبره المندوب بأنه ربح رحلة سياحية لمدة 4 ليالٍ في أي مكان يختاره في أوروبا، شريطة التوجه إلى مقر الشركة مع عائلته، واستلام الجائزة من هناك.
نظام اقتسام الوقت (امتلاك العطلات)
Time Share (Holiday ownership)
عبارة عن عرض يقدمه مالك عدد من الوحدات الفندقية السياحية في مكان محدد، ببيع أو إيجار وقتا هذه الوحدات. يقضي خلالها المشترك هذا الوقت في الوحدة الفندقية السياحية ضمن مدة محددة في كل سنة، وغالباً ما يكون هذا الوقت أسبوعا كل سنة.
وفي حالة الإيجار يكون العقد لمدة معينة من السنوات.
أما في البيع، فنكون بصدد عدة مشترين للوحدة الفندقية السياحية الواحدة، وكل مشتري، له حقه بوقت مختلف عن المشترى الأخر، وهذا الوقت هو الذي يحق له فيه ممارسة حقه كمالك ومستخدم للوحدة السياحية، كما يحق له التصرف فيه بالبيع أو الإيجار أو المبادلة، وينطق هذا العقد على المباني، الكرفانات، اليخوت، القوارب، وغيرها من المنشآت الفندقية التي تصلح لقضاء عطلة فيها.
* عقد اقتسام الوقت : دراسة قانونية، القانون الأردني والقوانين المقارنة، د. نسرين محاسنه.
استمع وعائلته لمزايا العرض لمدة ساعة ونصف من مندوبٍ متمرّس. ثم استسلم ووقع بكامل الرضى على عقدٍ مع الشركة، يلزمه بدفع 12400 دولار أمريكي، ما يعدل 8700 ديناراً أردنياً، دفع منها إبراهيم في ذات الجلسة 3840 دولاراً أمريكيا ً كدفعة مقدمة، على أن يقسط الباقي على 10 دفعات بواقع 855 دولاراً أمريكياً كل ثلاثة أشهر.
وبموجب هذا العقد سيشتري إبراهيم حصة شائعة بنظام اقتسام الوقت في وحدتين سياحيتين في قرية “كورال هيلز ريزورت” بشرم الشيخ في مصر، من شركة شرم الشيخ للتنمية والاستثمار السياحي المسجلة والمرخصة في مصر عبر شركة بيت الشمس الأردنية، التي تلعب دور الوسيط والوكيل لهذه الوحدات.
وفقاً للعقد الذي تحتفظ معدة التحقيق بنسخة منه، سيحصل إبراهيم على حق الانتفاع بالوحدتين السياحيتين لمدة أسبوع سنوياً ولأربعة أفراد في كل وحدة.
سَدّد إبراهيم الدفعة المقدمة والقسط الأول لشركة بيت الشمس الأردنية؛ لكنه لم يحصل على عقدٍ مصدق من وزارة السياحة المصرية لضمان حقه وفقاً لما نَصّت عليه ورقة احتياطات ما قبل التعاقد الموقعة بين إبراهيم وشركة بيت الشمس، الوكيلة عن شركة شرم الشيخ “المصرية”.
انْتاب إبراهيم القلق، بعد أن أخذت شركة بيت الشمس بالمماطلة، وعدم التجاوب مع استفساراته، راسل شركة شرم الشيخ ووضعها بصورة ما حصل معه، فأخبرته بأن شركة بيت شمس “محتالة”. مطالبته بمواصلة الدفع مباشرة لها دون وساطة الأخير.
دفعته تلك الإجابات المحبطة التي تتقاذفه بين شركتين واحدة في عمان وأخرى في القاهرة، إلى قرارٍ إلغاء العقد، الذي يشترط خصم 45% من المبلغ المدفوع في هذه الحالة، فتوجه إلى مقر شركة بيت الشمس في عمان، فأخبره المسؤول بأن عليه التواصل مع الشركة في مصر.
لم يستسلم إبراهيم لاستعادة جزء من حقه، فراسل شركة شرم الشيخ في مصر مرات عدة، وكذلك شركة بيت الشمس، لكن ردودهما كانت وعودا ومماطلات، لم تنجح بإعادة أي جزء من المبالغ التي تكبدها.
بعثت معدة التحقيق لشركة بيت الشمس المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة تحت رقم 200022633، والتي مازالت قائمة وفق سجل دائرة مراقبة الشركات، برسالة عبر البريد المستعجل في 10/5/2015، تطلب فيها الإجابة عن استفساراتها بخصوص حالة إبراهيم وغيرها من القضايا المشابهة. لكنها لم تتوصل إلى رد. زارت معدة التحقيق مكاتب الشركة لتجدها مغلقة.
إبراهيم لم يتقدم بشكوى للقضاء أو وزارة السياحة؛ بسبب تجارب سابقة جعلته لا يؤمن بقدرة القانون على استعادة حقه، بحسب قوله.
هذه حالة من ست حالات رصدتها معدة التحقيق خلال سنة من العمل، إضافة إلى دراسة ملفات 27 قضية مفصولة لدى محاكم الاستئناف والتمييز منذ 2001 وحتى 2015 بحسب محرك البحث القانوني “قسطاس”، دفع أصحابها مبالغ مالية تراوحت بين 500 – 4000 دينار أردني، ما يعادل (700-7000) دولار، لشركات اقتسام الوقت، بغية الاشتراك في حق منفعة استخدام وحدات سياحية فندقية داخل الأردن وخارجه لمدة أسبوع أو أسبوعين من كل عام.
تاريخ اقتسام الوقت
“بدأ عقد اقتسام الوقت في الانتشار في أوروبا والدول الغربية الأخرى في مطلع الستينيات، وذلك بعد ارتفاع أسعار المباني التي تصلح لقضاء إجازة، بحيث أصبح من الصعب جدا إيجاد مكان لقضاء عطلة، وان يكون هذا المكان دائما طوال السنة، وكان الحل الذي تم اللجوء إليه هو أن المالكين وكذلك المشتغلين في السياحة، حاولوا التقليل من التكلفة على كل مشتري بحيث يتم بيع الوحدة السياحية لعدد كبير من المشترين ينتفع كل منهم بالوحدة السياحية خلال وقت محدد ومختلف عن المشتري الأخر”.
* دراسة الدكتورة نسرين محاسنه
جميع هؤلاء أكدوا في دعاواهم القضائية، ومقابلات فردية معهم، أن تلك الشركات تهربت من الالتزام باستحقاقات تمكينهم من الانتفاع بحصصهم لاستخدام الوحدات الفندقية السياحية التي اشتركوا بها.
يكشف هذا التحقيق عن قيام 20 شركة تُمارس مهنة اقتسام الوقت بجر أقدام زبائن بإيهامهم بربح رحلات سياحية للإيقاع بهم، ومن ثم إقناعهم بتوقيع عقود على نسق متشابه معها للانتفاع بوحدات فندقية سياحية داخل الأردن وخارجه، لمدة أسبوع أو أسبوعين كل سنة، مقابل دفعات مالية تدفع مقدماً (عربون) تتراوح بين 200 – 2000 دينار أردني، يفقد المشترك حقها باستعادتها إذا قرر إلغاء العقد، إضافة إلى توقيعهم على شيكات وكمبيالات لتقسيط المبالغ المتبقية.
تُوَقع هذه العقود غير الموثقة بطريقة قانونية، تحت تأثير مندوب تسويق متمرّس لا يتيح للزبون الوقت ليفكر ملياً. كما لا تتفق هذه العقود “مع المعايير الدولية الخاصة بضمانات عقود اقتسام الوقت”، وفقاً لدراسة الدكتورة نسرين محاسنه، المعنونة بـ “عقد اقتسام الوقت: دراسة قانونية، القانون الأردني والقوانين المقارنة” والمنشورة في مجلة جامعة اليرموك.
كل هذا يفقد المشتركين حقوقهم بالانتفاع من الوحدات الفندقية السياحية التي اشتركوا بها وسددوا كامل أثمانها، أو إعادة أموالهم التي دفعوها مقدماً لتلك الشركات.
يحدث ذلك في ظل مخالفة 18 شركة من أصل 21 عاملة في مهنة اقتسام الوقت، لأسس ترخيصها سنداً لقرار المجلس الأعلى للسياحة رقم (1) لسنة 1999، وضعف رقابة وزارة السياحة والآثار عليها. يضاف لذلك عدم وجود تشريع ينظم مهنة اقتسام الوقت، وبقاء مشروع “نظام تملك العطلات واقتسام الوقت” حبيس الأدراج في ديوان التشريع والرأي منذ 2011 وعدم إقراره.
تجربة شخصية
تخفت معدة التحقيق في ثوب زبونة ترغب بمشاركة الانتفاع في وحدات فندقية سياحية، تتبعت خلالها إجراءات العمل في أربع شركات تمتهن اقتسام الوقت: شركة العالم المتداخل، شركة وجه الأردن، شركة سي شيل وشركة بوابة العالم.
وجدت أن الشركات الأربعة تستخدم نفس الأسلوب، بإيهام الزبون بربح جائزة، ومن ثم دفع مبلغ كدفعة أولى، أو دفعة مقدمة، وبعدها يبدأ مسلسل تهربهم من الوفاء .بالالتزامات سواء بتسليم الجائزة “الرحلة”، أو بإعادة المبالغ المدفوعة
“العالم المتداخل” نموذجاً
عَلّمت معدة التحقيق بوجود حملة تسويقية في مول بجبل الحسين، لشركة العالم المتداخل لترويج عقود اقتسام الوقت.
ذهبت إلى هناك، التقطتها عيون مندوب الشركة، ليتم قنصها بتوجيه سؤال بسيط. أجابت بسرعة، وعلى الفور ربحت رحلة سياحية مدفوعة التكاليف إلى شرم الشيخ، شريطة أن تدفع لهم 5 دنانير مستردة، في يوم استلام الجائزة، الذي يرافقه عرض ترويجي عن منتجعات جديدة في البحر الميت.
في الموعد المحدد، حضرت لمكان الشركة، لتكتشف أن العرض الترويجي، عبارة عن جلسة مدتها 90 دقيقة مع مندوب الشركة. أقنعها بالتوقيع على عقد شراء حصة فندقية سياحية لمدة أسبوع من كل عام، ولطول العمر، قابلة للبيع، والتوريث، والإهداء، والمبادلة في 90 بلد حول العالم، بمبلغ وصل بعد ساعة من التفاوض المجهد، إلى 3725 دينارا (ً5321 دولاراً أمريكياً)، وبدفعة مقدمة1125ديناراً (1613 دولاراً). وشدّد على أن هذا العرض بسعره الخاص، وإمكانية التقسيط سارٍ لليوم فقط.
أبدت معدة التحقيق تَخَوّفها من النصب والاحتيال عليها. هنا، تدخل أحد المسؤولين، وقدم عرضاً خاصاً.
– سنغير الجائزة إلى رحلة لمكة المكرمة، وفي فندق زمزم -أحد فنادق مكة الضخمة- لمدة أسبوع ولسبعة أشخاص مجاناً، مع خصم 30% على تذاكر الطيران.
– لكن المبلغ مرتفع وليس متوفر معي الآن.
– كم معك دفعة أولى؟
– 35 ديناراً.
– ادفعيها الآن، كدفعة أولى، والعرض سيبقى سارٍ لحين تسديد الدفعة المقدمة.
دفعت “الزبونة” معدة التحقيق المبلغ، وحصلت على وصل مالي، وطلب الاشتراك في نظام تمليك الإجازات. بعد أسابيع تواصلت مع الرقم المخصص؛ لتحديد موعد الرحلة، لكن المجيب تظاهر بعدم معرفته بالقصة.
بعدها أجرت “الزبونة” عشرة اتصالات بالشركة، وفي كل مرة يكون جواب الشركة “نريد دراسة حالتك”.
كما اتصلت مع المسؤول الذي أقنعها بتوقيع العرض وتغييره إلى مكة، لتكتشف أن هاتفه مغلق طيلة الوقت.
بعثنا برسالة لشركة العالم المتداخل المرخصة لدى وزارة السياحة والآثار، عبر البريد المستعجل بتاريخ 10 أيار 2015، لأخذ ردها على ما وثقناه. إلا أن مديرها اكتفى بتأكيده على التزام شركته القانوني والأخلاقي ورفض تقديم أي إيضاحات أخرى.
18 شركة غير مرخصة
وزارة السياحة والآثار أكدت في ردها المكتوب على معدة التحقيق بتاريخ31 آذار 2015، وجود 18 شركة تعمل في بيع الحصص الشائعة، تبين عدم تطابق المشاريع التي تروج لها مع أسس اقتسام الوقت.
وأضافت الوزارة أن الوحدات التي تروج لها هذه الشركات عبارة عن عمارات ومشاريع إسكانية، تفتقر للمواصفات السياحية المطلوبة، وفقاً لأسس ومعايير تصنيف المنشآت السياحية الصادرة عن الوزارة.
وتابعت أن المشاريع المسوقة من تلك الشركات غير منضوية لأي نادي تبادل عالمي، يثبت حقها في انتفاع المشترين أو المشتركين في نظام التبادل للوقت والأمكنة.
وقالت الوزارة إنها قامت بالتنسيق مع الجهات المعنية المختصة، والتي تشمل كل من وزارتي الصناعة والتجارة، والداخلية، وأمانة عمّان، بالكشف على مشاريع هذه الشركات. وتبين أن تلك الشركات تبيع حصص شائعة في عمارات ومشاريع إسكانية وليست سياحة بموجب سند تسجيل صادر عن دائرة الأراضي والمساحة، وأنها غير متطابقة مع أسس ترخيص مهنة اقتسام الوقت.
” الأراضي”: تملك على الشيوع
دائرة الأراضي والمساحة قالت في ردها المكتوب، إنّهُ لا يوجد لديها نظام تملّك وتأجير للوقت، وإن ما تقوم به هذه الشركات، هو التملك على الشيوع، والمشتري يمتلك حصصاً في العقار فقط، وما يتم خلاف ذلك هو اتفاق بين شركات الإسكان والمشترين.
في حين تجاهلت الدائرة في ردها الإجابة على 8 أسئلة تقدمت بها معدة التحقيق سنداً لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات رقم (47) لسنة 2007. من بين هذه الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها ما يلي: عدد شهادات تسجيل العقارات التي تستخدم نظام تملك الوقت وتأجيره، والحصص الشائعة. ماهية السند التشريعي والقانوني لذلك، عدد الشكاوى التي وصلتهم عن هذه العقارات، وإجراءات الدائرة على هذه الشكاوى.
قامت معدة التحقيق بتقديم شكوى على دائرة الأراضي والمساحة لدى مجلس المعلومات، وفقا لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات. المجلس قبل الشكوى وطلب من الدائرة “تزويد مقدم الشكوى بالمعلومات المطلوبة وفق القانون”. لكن دائرة الأراضي والمساحة لم تستجب.
“السياحة”: مهمة لم تكتمل
رَخّصت وزارة السياحة والآثار، سنداً لقرار المجلس الأعلى للسياحة رقم (1) لسنة 1999، خمس شركات منذ ذلك التاريخ: ثلاث منها مازالت تعمل وفقاً لذلك الترخيص وهي العالم المتداخل، بوابة العالم ومنتجع البحيرة الكائن في منطقة الأغوار والمصنف تحت درجة الخمس نجوم والذي تم ترخيصه عام 2010، بحسب رد الوزارة.
قرار المجلس الأعلى السياحة رقم (1) لسنة:
– يجب على إي منشأة فندقية أو سياحية ترغب بممارسة مهنة اقتسام الوقت أن تحصل على ترخيص من وزارة السياحة والآثار.
– أن لا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن 50 ألف دينار.
– تقديم كفالة بنكية مشروطة بقيمة 150 ألف دينار.
– تقديم وكالة مصدقة من كاتب العدل عن المنشأة إذا كان المسوق لا يملك تلك المنشأة.
الوزارة تقول: إنها ألغت ترخيص شركتين وشطبتهما من قيود وسجلات الوزارة بعد أن تم تعويض المشتركين من الكفالات البنكية المودعة من قبل هاتين الشركتين لديها وبقيمة وصلت قرابة 18 ألف دينار.
تلقت الوزارة خلال عام 2013 خمس شكاوى على شركتي العالم المتداخل وبوابة العالم، واحدة على الشركة الأولى تم تسويتها، والباقي على الأخيرة، تم تسوية ثلاث شكاوى، والرابعة قيد الإجراء، بحسب رد الوزارة المكتوب.
فيما تجاهلت الوزارة في ردها على أسئلة معدة التحقيق، بيان عدد الشكاوى التي وصلتها على شركات اقتسام الوقت منذ 2010 وحتى تاريخ طلب المعلومات في آذار2015، وما هي إجراءات الوزارة عليها.
كما لم تجب عن عدد الجولات التفتيشية التي قامت بها منذ 2010 وحتى تاريخ الطلب، وعدد الكادر الوظيفي المكلف بالرقابة والتفتيش.
الفايز: لا يوجد مشكلة
وزير السياحة والآثار نايف الفايز قال لمعدة التحقيق، إنه “ليس لدينا مشكلة في اقتسام الوقت الخاص بالمنشآت الموجودة داخل الأردن، لأن هذه المشاريع والمنشئات استثمارات قائمة، وواقع حال حقيقي، ممكن مراقبتها”.
وتابع “لا يوجد لدينا طريقة لحماية المشارك في الانتفاع بمشاريع موجودة في خارج المملكة”.
وقال الفايز: هناك شركات تبيع حصص شائعة أسبوعا واحدا في السنة من أصل 52 أسبوعا على أنها منتجعات سياحية، وتتملك من خلال دائرة الأراضي والمساحة، وهذه ليست منشآت سياحية وليست من اختصاص وزارة السياحة.
الشركات وحق الرد
بعَثنا برسالة عبر البريد السريع بتاريخ 10 أيار 2015، نطلب فيها حق الرد على مجمل ما وثقناه بالكاميرا السرية من مشاهدات، وغيرها من شهادات الزبائن، وملفات المحاكم.
المسؤول في شركة العالم المتداخل، محمد مياس، اكتفى بتأكيده عبر الهاتف بأن شركته ملتزمة بالأخلاقيات والقانون، ونفى وجود أي شكوى بحق شركته منذ عام 2009.
لم ترد شركة وجه الأردن – وهي غير مرخصة لمهنة اقتسام الوقت لدى وزارة السياحة والآثار – على رسالتنا.
أما شركة سي شيل، غير المرخصة لمهنة اقتسام الوقت لدى الوزارة، فقد امتنع مديرها معتصم خنفر عن إجراء المقابلة معنا بعد أن أخبرناه بما وثقته كاميراتنا السرية.
في المقابل، بعثت شركة بوابة العالم، حافظة مستندات تبرهن على قانونية ممارستها، تتضمن صورة عن الكفالة المالية بقيمة 150 ألف دينار، وسجلها المالي في غرفة تجارةعمّان، ورخصة مهن صادرة عن أمانة عمّان، وكتب رسمية من وزارة السياحة والآثار تفيد بأن الشركة مصرح لها بممارسة مهنة اقتسام الوقت.
عايد جريسات مدير شركة بوابة العالم رفض إجراء مقابلة مصورة معه، مؤكداً في اتصال هاتفي أن شركته ملتزمة بكافة الأنظمة والقوانين والتعليمات، ولا يوجد بحقها شكاوى منذ 2003.
النظام حبيس الأدراج
في 11 أيار 2008، نشرت وزارة السياحة والآثار وفي عهد وزيرتها السابقة مها الخطيب، مسودة نظام تملك العطلات واقتسام الوقت، لمعالجة الجوانب القانونية في برامج اقتسام الوقت لحماية المستهلك من الممارسات الخاطئة التي رصدت في السنوات الأخيرة، بحسب الأسباب الموجبة لمشروع النظام.
لكن هذا النظام لم ير النور لغاية نشر هذا التحقيق.
وفي شباط 2011، وعندما كان زيد القسوس وزيرا للسياحة، نشر ديوان التشريع والرأي التابع لرئيس الوزراء، مسودة النظام على موقعه الإلكتروني، ورافق ذلك حملات ترويج إعلامية لمسودة النظام بهدف حماية المستهلك من النصب والاحتيال. وما زالت هذه المسودة حبيسة أدارج ديوان التشريع والرأي.
ويتطلب النظام لإقراره، الإعداد من الوزارة المسؤولة عن تنفيذ أحكامه، ويُقره مجلس الوزراء بعد أن تتم صياغته من قبل ديوان التشريع والرأي، ليتم المصادقة عليه من قبل الملك، ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية إشعاراً ببدء تطبيقه رسمياً.
الوزراء والنظام
قامت معدة التحقيق بالاتصال مع خمسة وزراء سابقين للسياحة والآثار تسلموا حقائبهم الوزارية منذ 2008 وهم: زيد القسوس، نضال القطامين، مها الخطيب، سوزان عفانة، وهيفاء أبو غزالة، للوقوف على أسباب عدم إقرار هذا النظام أثناء وجودهم في هذه المناصب.
الوزيرة الخطيب، والتي تسلمت الوزارة ما بين (20/11/2007-29/7/2010)، تم في عهدها إعداد هذه المسوده قالت “المسودة لم تصل إلى مجلس الوزراء في ذلك الوقت، وبقيت لدى الدائرة القانونية في رئاسة الوزراء لدراستها، ولم تُحل إلى اللجنة القانونية في مجلس الوزراء، وهذا هو سبب عدم صدور النظام في حينه”.
وترجع الخطيب سبب عدم صدور النظام لغاية الآن، إلى أن وزراء السياحة والآثار المتعاقبين لم “يلاحقوا الموضوع ويتابعوه”، كما أن هذا الموضوع لم يعد منذ سنوات ذا أولوية بسبب تردي الواقع السياحي، وتراجع نشاطه
الوزير السابقة سوزان عفانة، والتي عَقِبت الخطيب، ما بين 29/7/2010-14/11/2010) تؤكد ما قالته الأخيرة.”لأنه لم يكن هذا النظام من أولوياتنا في تلك الفترة لذلك لم يتم إقراره. وهذا النظام لم أتعمق بدراسته، لأجيب على أسئلتك بالتفصيل، إضافة إلى أن مدة تسلمي للوزارة كانت قصيرة”.
أما الوزير السابق زيد القسوس والذي تسلم الوزارة من عفانة ولغاية 10/2/2011، اعتذر عن الإجابة بسبب وضعه الصحي بعد إصابته بجلطة على الدماغ.
وزيرة السياحة السابقة هيفاء أبو غزالة (10/2/2011-24/10/2011)، اعتذرت أيضا “ما راح أقدر أجاوب، أنا الآن في منصب جديد، وصعب أجيب على تساؤلاتك عن منصب تركته عام 2011”.
لم تفلح جميع محاولاتنا بالاتصال مع إبراهيم سيف وزير الطاقة، ونظال القطامين وزير العمل والذين تسلموا وزارة السياحة والآثار، بعد أبو غزالة، وجميعهم وزراء في الحكومة الحالية.
نايف الفايز وزير السياحة والآثار الحالي قال: “بالنسبة للنظام نحن نبحث عن الطريقة الأنسب ليمنح صلاحية للوزارة بتنظيم المهنة بشكل أفضل، ونحن في طور مراجعته، وسيصدر في أقرب وقت”.
وتابع “ليس هناك تأخير في إصدار النظام بقدر ما هو العمل على إصداره بطريقة أفضل”.
تراجعنا عن النظام
مصدر مسؤول في ديوان الرأي والتشريع، رفض ذكر اسمه، قال “إن مسودة النظام فيها مشكلات تنظيمية، إدارية، وقانونية، لذلك تراجعنا عن إقرار النظام”.
وأضاف أن ديوان التشريع والرأي يَدرس إقرار قانون التجمعات العقارية، والذي سيعالج مشكلة اقتسام الوقت وحماية المستهلك من شركات اقتسام الوقت، وتسجيل العقارات على الشيوع تحت مسمى منتجعات سياحية، وهي ليست كذلك، إضافة للنظر في أمر عدم إرجاع العربون والذي يصل لمبالغ كبيرة، بحسب المصدر.
قضايا المحاكم
بَلغ عدد القضايا المتعلقة باقتسام الوقت المفصولة لدى محاكم الاستئناف والتمييز منذ2001 ولغاية تاريخ نشر هذا التحقيق 27 قضية، بحسب محرك البحث القانوني
“قسطاس”.
وفي تحليل لقرارات المحاكم، تبين أن 10 قرارات من أصل 27، وبنسبة 37% منها ألزمت الشركات بإعادة المبالغ التي أخذتها من الزبائن، والتي تراوحت بين 1000- 7000 دولار أمريكي.
كما أصدرت تلك المحاكم قرارات قضت بعدم الخصومة في 4 قضايا من أصل 27، ما يقارب 14.8% منها، وذلك لكون الشكاوى رُفعت على الشركات الأردنية الوسيطة، والوكيلة، وليس على الشركات الأجنبية الأم.
وحَكمت تلك المحاكم بعدم مسؤولية شركتين عن جرم الاحتيال، لأنه نزاع مدني، وليس قضية جزائية. في المقابل، قررت فسخ ونقض ثلاثة قرارات، اثنين منها لصالح زبونين، وقراراً واحداً لصالح شركة أخرى.
عقود إذعان
وخلصت دراسة علمية محكمة منشورة في مجلة جامعة اليرموك، تحت عنوان “عقد اقتسام الوقت: دراسة قانونية القانون الأردني والقوانين المقارنة” للباحثة الدكتورة نسرين محاسنه. إلى أنّ هذا العقد يشكل عقد إذعان، إذ يقدم مالك الوحدات السياحية عقوداً موحدة لجمهور المنتفعين تتضمن نفس البنود، وتعد سلفاً ولا يكون للمنتفع الحق في التفاوض أو اقتراح التعديل في العقد، وإنما قبوله أو رفضه جملة واحدة. وبينت أن عقد اقتسام الوقت يثير العديد من المشاكل، إلى الحد الذي يختلط فيه أحيانا مع عمليات النصب والاحتيال.
وترى الدراسة أن هذه العقود في الأردن لا تتقيد بالمعايير العالمية، كإعطاء المشترك فترة الإلغاء، مع عدم إلزامه بدفع أي مبالغ مالية خلال تلك الفترة، ولا يشترط فيها إخلال بائع الوقت بأي من التزاماته، وذلك ضمانة وحماية للمشترك. وتضيف، يجب إعطاء المشترك نشرة تفصيلية تتعلق بتفاصيل المنشأة الفندقية وبحقوقه فيها.
في ظل غياب رقابة وزارة السياحة والآثار لعدم صدور تشريع ينظم مهنة اقتسام الوقت، ستبقى شركات مخالفة تقامر بسمعة الأردن السياحة، وتوقع ضحايا في شباكها كإبراهيم ورفاقه من المواطنين والمغتربين أو الزوار.
* أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة “أريج” إعلاميون من أجل صحافة عربية استقصائية www.arij.net وبإشراف الزميل مصعب الشوابكة.
روابط نشر التحقيق: