هي مساحة لجأ إليها كثيرون محرومون من لفحة حرية، وسرعان ما بدأ يزداد جمهورها لتتطور فيما بعد وتتحول إلى مساحة تفاعلية يزداد وهجها يوماً بعد الآخر. فأصبح للتواصل شكل آخر، وتغير مفهوم الإعلام، ونفضت الصحف الغبار المتراكم عنها، فظهرت صحافة المواطن، والإعلام التفاعلي، وحظِيَ كل من على هذه المساحة بنعمة الحرية والقدرة على اتخاذ رأي والحديث عنه بلا حدود أو قيود.
لكن؛ لم يُكتب لهذه
النعمة طول الأجل، فمحاولات التعتيم وفرض السيطرة، بحسب ناشطين، بدأت
بالظهور، لتُكسَر الأقلام من جديد وتُكمّم الأفواه.
حجب
نحو 290 موقعاً إخبارياً في الأردن
أصدرت الحكومة الأردنية
في شهر حزيران/ يونيو الماضي قرارًا يقضي بحجب 290 موقعاً إخبارياً من أصل 400 موقع، بسبب عدم حصول
تلك المواقع على ترخيص من دائرة المطبوعات والنشر.
يُلزم هذا القرار الذي تم إقراره في شهر أيلول/ سبتمبر عام 2012 تسجيل المواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص لممارسة عملها بشكل نظامي، وأن تخضع للقانون أسوة بالمطبوعات الورقية، ويشترط للمواقع المرخّصة أن يرأس تحريرها صحفياً عضواً في نقابة الصحفيين.
وينص القانون المعدّل من قانون المطبوعات والنشر رقم
(8) للعام 1998 على أنه
إذا كانت المطبوعة الإلكترونية تنشر الأخبار والتحقيقات والمقالات والتعليقات ذات
العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للدولة فإنها ملزمة بالترخيص.
محاولة
لفرض الرقابة أم لتحسين الإنتاجية؟
بحسب مدير عام دائرة
المطبوعات والنشر فايز الشوابكة، فإن هذا القانون لم يوجد من أجل قمع الحريات أو
لغايات حجب الحقيقة، وإنما لتنظيم العمل الصحفي وحمايته من المتطفلين.
لكن العاملين في المجال
الصحفي يرَون عكس ذلك، حيث ينفي صاحب موقع Jo24، باسل العكور لشبكة
الصحفيين الدوليين، أن يكون هذا القانون لصالح الصحفيين بأي شكل من الأشكال، ويضيف
"نحن بحاجة إلى قانون عصري يلبي احتياجاتنا ويكفل حرية أقلامنا، ويساعد على
إلغاء العقوبات المالية".
وتقول رئيسة تحرير مدونة حبر، لينا عجيلات، إن هذا
القانون فضفاض وواسع، وفيه الكثير من التناقض، مبينة أنه تم حجب مدونة حبر على
الرغم من أنها مدونة ولا تنطبق عليها تعديلات القانون الذي يستهدف المواقع
الإخبارية، لتؤكد أن هذا القانون يستهدف كل موقع يقدم مواد لها علاقة بالسياسة
ويمتلك نسبة جماهرية عالية.
قانون
فضفاض
رفعت المواقع الإلكترونية
التالية (Jo24، كل الأردن، عمان نت، خبر جو، عين نيوز) تم حجبها إلى جانب مدونة حبر قضية أمام
محكمة العدل العليا ضد تعديلات قانون المطبوعات والنشر الأخيرة، استندت على سبب
طعن أساسي يتمثل في "عدم صدور مخالفات من المواقع الإلكترونية حتى تنهض سلطة
مدير المطبوعات والنشر لحجبها"، إضافة لأن "المخالفة التي يستند عليها
مدير المطبوعات متعلقة بالمطبوعة الإلكترونية غير المرخصة وليس المواقع
الالكترونية غير المرخصة والتي تختلف بتعريفها عن المطبوعة الإلكترونية الوارد في
المادة 2 من قانون المطبوعات والنشر" بحسب المحامي محمد قطيشات.
حيث أن المطبوعة الإلكترونية هي موقع ينشر الأخبار ويختار التسجيل في سجل دائرة المطبوعات والنشر، فيما الموقع الإلكتروني غير المرخص هو ما أعطاه القانون حرية التسجيل في "المطبوعات والنشر" واختار عدم التسجيل.
هذا وقد أصدرت هيئة محكمة
العدل العليا قراراً بـ "رد الدعوى التي رفعتها مدونة حبر شكلاً"، لعدم
ورود اسم المدونة في كشف حجب المواقع الإخبارية الإلكترونية المرفق لقرار مدير
دائرة المطبوعات والنشر الصادر بتاريخ 1/6/2013.
وحول هذا، تقول عجيلات لشبكة الصحفيين الدوليين إنهم قاموا بسؤال دائرة المطبوعات والنشر عن سبب هذا الحجب على الرغم من أنهم مدونة والقانون لا يستهدف المدونات، فكانت الإجابة "أنتم تنشرون مواضيع سياسية وهذا وحده يكفي".
نقابة لا تعترف إلا بثلة من الصحفيين
تضيف عجيلات؛ طلبت منا
دائرة المطبوعات والنشر التسجيل كموقع متخصص لدى وزارة الصناعة والتجارة حتى يتم
فك الحجب، "وهذا ما رفضناه"، حيث تقول إنهم مسجلين كشركة رسمية منذ عام
2008 وأن عملهم نظامي 100% "فلم هذا التعقيد!"، بالإضافة إلى أنهم لو
أرادوا التسجيل فلن يتمكنوا، لأن القانون يشترط أن يكون رئيس التحرير عضواً في
نقابة الصحفيين، معلّقة "أمتلك ماجستير في الصحافة من أميركا ومع ذلك قانون نقابة الصحفيين يمنعني من الانتساب لهم" فهو قانون
"معقد" ولا يعترف بأي صحفي بحسب رأيها.
يخالفها في الرأي العكور، فهو على الرغم من اعتراضه على تعديلات القانون الأخيرة إلا أنه مع أن يكون رئيس تحرير الموقع الإلكتروني عضواً في نقابة الصحفيين، لأنه سيكون أكثر خبرة في عمله وسيتخذ المهنية منهاجاً لأدائه. وتتساءل هنا عجيلات "هل جميع المواقع الإلكترونية التي يترأسها عضو في نقابة الصحفيين تراعي المهنية فيما تنقله؟".
هل تستمر المعركة؟
إلى جانب الوقفات
الاحتجاجية ومقالات الرأي المجابهة للقانون والداعية للتحريض على مدار أشهر،
انتهجت تلك المواقع أسلوب المراوغة، حيث كانت تطلق "دوميناً" أو نطاقًا
جديداً في كل مرة يتم حجبها فيه، لتعاود دائرة المطبوعات والنشر الحجب ولتعود
المواقع بالظهور "بدومين" آخر من جديد.
وفي النهاية؛ القضية التي
رفعتها باءت بالخسارة، فأصبحت المواقع الإلكترونية بحسب العكور "بين خيارين،
إما الإصرار على عدم الترخيص ومن ثم الحجب وهذه خسارة أكبر أو الترخيص مع نية
الإكمال بمجابهة القانون ولكن بأسلوب مختلف". حيث يؤكد العكور بأن الحكومة
تعهدت مؤخراً وبعد الاحتجاجات التي قاموا بها بإعادة النظر بالقانون والعمل على
تعديله بطريقة تتوافق مع احتياجات الصحفيين.
بالمقابل، تصرّ عجيلات
على ثباتها ومن معها على عدم الترخيص، وتقول إنهم مستمرون بالمجابهة، وأنه لا يوجد
خسارة مع وجود الإعلام الجديد الذي يوصل ما نريده بكل سهولة، مضيفة "إن كان
السبب بالترخيص هو المساءلة القانونية، فإن القانون يضم مواد تعالج حق الأفراد
بحماية أنفسهم".
تُرى، كيف ستكون ردة فعلك بحال اكتشفت أن موقعك الإلكتروني أو مدونتك أو حتى حسابك على تويتر قد تم حجبه بسبب رأي أو خبر قمت بنشره؟ وهل سترضخ لقانون غير مقتنع به لمجرد أن دولتك تفرضه؟ أم ستسعى لإلغائه وللمحاربة من أجل البقاء والحفاظ على قسط من الحرية؟
تُرى، كيف ستكون ردة فعلك بحال اكتشفت أن موقعك الإلكتروني أو مدونتك أو حتى حسابك على تويتر قد تم حجبه بسبب رأي أو خبر قمت بنشره؟ وهل سترضخ لقانون غير مقتنع به لمجرد أن دولتك تفرضه؟ أم ستسعى لإلغائه وللمحاربة من أجل البقاء والحفاظ على قسط من الحرية؟
*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:
http://ijnet.org/ar/stories/235980