Thursday 12 December 2013

في الأردن: أحكام عرفية تُفرض في الواقع وتُرفض في العالم الافتراضي


هي مساحة لجأ إليها كثيرون محرومون من لفحة حرية، وسرعان ما بدأ يزداد جمهورها لتتطور فيما بعد وتتحول إلى مساحة تفاعلية يزداد وهجها يوماً بعد الآخر. فأصبح للتواصل شكل آخر، وتغير مفهوم الإعلام، ونفضت الصحف الغبار المتراكم عنها، فظهرت صحافة المواطن، والإعلام التفاعلي، وحظِيَ كل من على هذه المساحة بنعمة الحرية والقدرة على اتخاذ رأي والحديث عنه بلا حدود أو قيود.
لكن؛ لم يُكتب لهذه النعمة طول الأجل، فمحاولات التعتيم وفرض السيطرة، بحسب ناشطين، بدأت بالظهور، لتُكسَر الأقلام من جديد وتُكمّم الأفواه.


حجب نحو 290 موقعاً إخبارياً في الأردن

أصدرت الحكومة الأردنية في شهر حزيران/ يونيو الماضي قرارًا يقضي بحجب 290 موقعاً إخبارياً من أصل 400 موقع، بسبب عدم حصول تلك المواقع على ترخيص من دائرة المطبوعات والنشر.


يُلزم هذا القرار الذي تم إقراره في شهر أيلول/ سبتمبر عام 2012 تسجيل المواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص لممارسة عملها بشكل نظامي، وأن تخضع للقانون أسوة بالمطبوعات الورقية، ويشترط للمواقع المرخّصة أن يرأس تحريرها صحفياً عضواً في نقابة الصحفيين.

وينص القانون المعدّل من قانون المطبوعات والنشر رقم (8) للعام 1998 على أنه إذا كانت المطبوعة الإلكترونية تنشر الأخبار والتحقيقات والمقالات والتعليقات ذات العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للدولة فإنها ملزمة بالترخيص.


محاولة لفرض الرقابة أم لتحسين الإنتاجية؟

بحسب مدير عام دائرة المطبوعات والنشر فايز الشوابكة، فإن هذا القانون لم يوجد من أجل قمع الحريات أو لغايات حجب الحقيقة، وإنما لتنظيم العمل الصحفي وحمايته من المتطفلين.

لكن العاملين في المجال الصحفي يرَون عكس ذلك، حيث ينفي صاحب موقع Jo24، باسل العكور لشبكة الصحفيين الدوليين، أن يكون هذا القانون لصالح الصحفيين بأي شكل من الأشكال، ويضيف "نحن بحاجة إلى قانون عصري يلبي احتياجاتنا ويكفل حرية أقلامنا، ويساعد على إلغاء العقوبات المالية".


وتقول رئيسة تحرير مدونة حبر، لينا عجيلات، إن هذا القانون فضفاض وواسع، وفيه الكثير من التناقض، مبينة أنه تم حجب مدونة حبر على الرغم من أنها مدونة ولا تنطبق عليها تعديلات القانون الذي يستهدف المواقع الإخبارية، لتؤكد أن هذا القانون يستهدف كل موقع يقدم مواد لها علاقة بالسياسة ويمتلك نسبة جماهرية عالية.


قانون فضفاض

رفعت المواقع الإلكترونية التالية (Jo24، كل الأردن، عمان نت، خبر جو، عين نيوز) تم حجبها إلى جانب مدونة حبر قضية أمام محكمة العدل العليا ضد تعديلات قانون المطبوعات والنشر الأخيرة، استندت على سبب طعن أساسي يتمثل في "عدم صدور مخالفات من المواقع الإلكترونية حتى تنهض سلطة مدير المطبوعات والنشر لحجبها"، إضافة لأن "المخالفة التي يستند عليها مدير المطبوعات متعلقة بالمطبوعة الإلكترونية غير المرخصة وليس المواقع الالكترونية غير المرخصة والتي تختلف بتعريفها عن المطبوعة الإلكترونية الوارد في المادة 2 من قانون المطبوعات والنشر" بحسب المحامي محمد قطيشات.

حيث أن المطبوعة الإلكترونية هي موقع ينشر الأخبار ويختار التسجيل في سجل دائرة المطبوعات والنشر، فيما الموقع الإلكتروني غير المرخص هو ما أعطاه القانون حرية التسجيل في "المطبوعات والنشر" واختار عدم التسجيل.

هذا وقد أصدرت هيئة محكمة العدل العليا قراراً بـ "رد الدعوى التي رفعتها مدونة حبر شكلاً"، لعدم ورود اسم المدونة في كشف حجب المواقع الإخبارية الإلكترونية المرفق لقرار مدير دائرة المطبوعات والنشر الصادر بتاريخ 1/6/2013.


وحول هذا، تقول عجيلات لشبكة الصحفيين الدوليين إنهم قاموا بسؤال دائرة المطبوعات والنشر عن سبب هذا الحجب على الرغم من أنهم مدونة والقانون لا يستهدف المدونات، فكانت الإجابة "أنتم تنشرون مواضيع سياسية وهذا وحده يكفي".


نقابة لا تعترف إلا بثلة من الصحفيين

تضيف عجيلات؛ طلبت منا دائرة المطبوعات والنشر التسجيل كموقع متخصص لدى وزارة الصناعة والتجارة حتى يتم فك الحجب، "وهذا ما رفضناه"، حيث تقول إنهم مسجلين كشركة رسمية منذ عام 2008 وأن عملهم نظامي 100% "فلم هذا التعقيد!"، بالإضافة إلى أنهم لو أرادوا التسجيل فلن يتمكنوا، لأن القانون يشترط أن يكون رئيس التحرير عضواً في نقابة الصحفيين، معلّقة "أمتلك ماجستير في الصحافة من أميركا ومع ذلك قانون نقابة الصحفيين يمنعني من الانتساب لهم" فهو قانون "معقد" ولا يعترف بأي صحفي بحسب رأيها.


يخالفها في الرأي العكور، فهو على الرغم من اعتراضه على تعديلات القانون الأخيرة إلا أنه مع أن يكون رئيس تحرير الموقع الإلكتروني عضواً في نقابة الصحفيين، لأنه سيكون أكثر خبرة في عمله وسيتخذ المهنية منهاجاً لأدائه. وتتساءل هنا عجيلات "هل جميع المواقع الإلكترونية التي يترأسها عضو في نقابة الصحفيين تراعي المهنية فيما تنقله؟".

هل تستمر المعركة؟
إلى جانب الوقفات الاحتجاجية ومقالات الرأي المجابهة للقانون والداعية للتحريض على مدار أشهر، انتهجت تلك المواقع أسلوب المراوغة، حيث كانت تطلق "دوميناً" أو نطاقًا جديداً في كل مرة يتم حجبها فيه، لتعاود دائرة المطبوعات والنشر الحجب ولتعود المواقع بالظهور "بدومين" آخر من جديد.

وفي النهاية؛ القضية التي رفعتها باءت بالخسارة، فأصبحت المواقع الإلكترونية بحسب العكور "بين خيارين، إما الإصرار على عدم الترخيص ومن ثم الحجب وهذه خسارة أكبر أو الترخيص مع نية الإكمال بمجابهة القانون ولكن بأسلوب مختلف". حيث يؤكد العكور بأن الحكومة تعهدت مؤخراً وبعد الاحتجاجات التي قاموا بها بإعادة النظر بالقانون والعمل على تعديله بطريقة تتوافق مع احتياجات الصحفيين.

بالمقابل، تصرّ عجيلات على ثباتها ومن معها على عدم الترخيص، وتقول إنهم مستمرون بالمجابهة، وأنه لا يوجد خسارة مع وجود الإعلام الجديد الذي يوصل ما نريده بكل سهولة، مضيفة "إن كان السبب بالترخيص هو المساءلة القانونية، فإن القانون يضم مواد تعالج حق الأفراد بحماية أنفسهم".

تُرى، كيف ستكون ردة فعلك بحال اكتشفت أن موقعك الإلكتروني أو مدونتك أو حتى حسابك على تويتر قد تم حجبه بسبب رأي أو خبر قمت بنشره؟ وهل سترضخ لقانون غير مقتنع به لمجرد أن دولتك تفرضه؟ أم ستسعى لإلغائه وللمحاربة من أجل البقاء والحفاظ على قسط من الحرية؟




*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:
http://ijnet.org/ar/stories/235980


Saturday 26 October 2013

بات المشاع الإبداعي حلاً يتخذه الصحفيون للحفاظ على أعمالهم


يشكو الكثير من الصحفيين، الذين يعملون بشكل دؤوب ويتكلّفون الجهد والمال والتفكير لتقديم مادة صحفية جيدة، من سرقة أعمالهم ونشرها من غير أي اتفاق مسبق بين الطرفين ينصّ على تزويد المحتوى أو حتى مشاركته. إذ ترافقت ثقافة "انسخ وألصق" مع التطور الإلكتروني فتفشّت في الوسط الإعلامي وفي مجتمعات المدونين ومواقع التواصل الاجتماعي.
كتب المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع البوابة العربية للأخبار التقنية أحمد عبد القادر مقالة بعنوان "وسائل إعلام عربية وعالمية تنتهك حقوق النشر و"الإنسانية"!" حيث سلّط الضوء من خلالها على الانتهاكات التي تقدم عليها المواقع والمنصات الإعلامية عبر استخدام محتوى غيرها من الوسائل الإعلامية والصحفية دون أي اتفاق مسبق أو ذكر لمصدر المادة المنقولة.

أشار عبد القادر في مقالته إلى الجهد الذي يبذله وطاقم العمل في موقعه الإلكتروني للخروج بمادة مميّزة ذات مضمون غني، وفي نهاية المطاف يتفاجؤون بوسائل إعلام أخرى تنقل المحتوى ذاته من غير الرجوع إليهم أو حتى نسب المصدر الرئيسي. وأضاف أنه لم يخطو مثل هذه الخطوة إلا بسبب الانتهاكات الصارخة التي يلحظها لحقوق النشر والتي تفشّت أيضاً بين وسائل إعلام ذات سمعة جيدة ومتابعة كبيرة.
وتابع عبد القادر قوله، واصفاً مثل هذه الممارسة من موقع عربي كبير بأنّها تخطّت كافة المفاهيم الإنسانية المتعارف عليها، لا بل اعتبرها بمثابة سرقة لجهد الآخرين وأموالهم مستغلين بهذا الفعل "غياب القوانين ومفهوم حقوق النشر وحمايته المشوه في العالم العربي".

الإجراءات القانونية المتّبعة

لعل العديد من الصحفيين يجهلون الطرق القانونية التي عليهم اتّباعها في حال اكتشفوا سرقة أعمالهم وجهودهم، أو أنهم يتخذون من التجاهل مبدأً لهم لعدم وجود الوقت الكافي للسير بالإجراءات القانونية اللّازمة، إلى جانب اعتقادهم بعدم كفاية القانون وشمول بنوده على جميع قضايا انتهاك "الملكية الفكرية" خاصة في ما يتعلق بالإعلام الجديد.

على صعيد الأردن، يقول المحامي فارس عساف لشبكة الصحفيين الدوليين، إن القانون يحمي الصحفيين في حال إثبات التعدي على جهدهم وسرقته بدون نسب أو اتفاق. ويبين أن قانونَي "حماية الملكية الفكرية" "والمطبوعات والنشر" هما المعمول بهما في المحاكم، وأن عقوبة من تثبت عليه الإدانة تتراوح ما بين جزائية (السجن) بحق المتسبب أو التعويض المالي.

على الرغم من ذلك، يقول إن معظم الصحفيين يتركون هذه الإجراءات ويلجأون للحلول الودّية، متجنبين بذلك هدر الوقت وخسارة العلاقة مع صحفي قد يحتاجونه في المستقبل.
وهذا بالفعل ما أقدم عليه الصحفي الأردني راشد عساف حين اكتشف عن طريق الصدفة بأن أحد الأخبار والصور التي عمل عليها ونشرها بشكل حصري لموقع البتراء الإخبارية الذي يعمل لصالحه قد تم إعادة نشره بعد خمسة أيام في جريدة أسبوعية تحت عنوان "صور حصرية". في حوارنا مع عساف، قال الأخير بأنه تفاجأ بهذا الفعل وأجرى العديد من الاتصالات مع الصحيفة التي أعادت نشر الخبر والصور، إلاّ أن الصحيفة أصرّت على ادعائها بملكية المحتوى، إلاّ أنها عادت وتراجعت عن ذلك بعد تهديد عساف لها باللجوء إلى القانون. فقدّمت الصحيفة اعتذارها، وعلى الرغم من إصرار عساف في بداية الأمر إلى اللجوء إلى القانون إلاّ أنه فضّل نهايةً الحلّ الودي خوفاً من السير في إجراءات قانونية طويلة ومنهكة من جهة وخوفاً من خسارة جهة صحفية قد يتعاون معها مستقبلاً من جهة أخرى.


المشاع الإبداعي: بعض الحقوق محفوظة

مع التطور المتسارع للإعلام الإلكتروني أصبح من الصعب بل من المستحيل الحفاظ على كامل حقوق النشر وحماية الملكية الفكرية، فكان لا بد من نشر ثقافة جديدة تواكب من سرعة نشر المحتوى الإلكتروني وإعادة نشره مع المحافظة على حقوق صاحبه.
ومن هنا انطلقت فكرة "المشاع الإبداعي" أو "creative commons" وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى زيادة ودعم الأعمال الإبداعية التي يمكن إعادة استخدامها ومشاركتها بشكل حر وقانوني.
وقد نشرت المنظمة مجموعة من التراخيص القانونية التي تتيح للمؤلف أو منتج العمل إلى اختيار ما يرغب بالاحتفاظ به من حقوق، والسماح للآخرين من مستخدمي شبكة الإنترنت من استخدام عمله أوتطويره أو الإضافة عليه.

وقد تم اعتماد المشروع في أكثر من 50 دولة في العالم، أما في الوطن العربي فقد كانت الأردن أولى الدول التي تبنّت عملية تعريب وإدخال الرخص في العام 2004 إلى النظام القانوني المعمول به في الأردن وإعادة صياغة التراخيص بموجب القوانين الأردنية. ومن ثمّ انتشرت الأعمال التي تحمل رخصة المشاع الإبداعي في كلٍ من؛ مصر، لبنان وقطر. جميع هذه البلدان طوّعت رخص المشاع الإبداعي بما يتناسب مع قوانينها.
يمكنك الاطلاع على إجابات لأكثر التساؤلات القانونية المتعلقة بالمشاع الإبداعي وكيفية عمل الرخص الخاصة بها، وقد أجاب عنها الخبير القانوني لبرنامج المشاع الإبداعي من قطر، محمد السعيد.


هل عرفت من قبل عن "رخصة المشاع الإبداعي"، وهل سجلت أعمالك فيها؟ إن لم تقم بذلك بعد، ننصحك بالتسجيل الآن، فهذا مفيد جداً لحماية إنتاجك سواء كنتَ صحفياً أو مدوناً.




*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:

Tuesday 1 October 2013

فتاة شرقية




تحلّق كالفراشة
فتُصطاد كالفريسة


تغرّد بكل براءة
فتُقذف بالرصاصة


تبوحُ لمن حولها
فيزول صوتها


وأخيراً
تصمت مجبرة
وتتقيّد بدون إرادة منها


تحاول الهمس
لكن روحها تعجز


فيتلاشى الأمل
ويظنها تجيد الادعاء
كغيرها من البشر

Sunday 29 September 2013

فِي سَبِيلِ النَّقَاءْ




أنْ يَذُوبَ العِشْق
ويَسُودَ النَّأْيُ والهَجْر

أنْ تبوحَ بِعَكْسِ الحُب
وتَتَجَنّبَ القُرْب

أنْ تَزُولَ رَغْبَتُك
وتَرْفَعَ رَايَةَ البُعْد

لمُجَرّد بَوْح
أُرِيدَ بِهِ زُهْد
عَلَى رَغْمِ الوِجْد

لِيَدُومَ الوِد
ولِتَشْتَعِلَ صَبَابَةُ الشَّوْق
في الرُوحِ والقَلْب

فَهَذَا يَا مُهْجَتِي
مَا أَعْجَزُ عَنْ فَهْمِه
وأَحْزَنُ لفِعْلِه

Friday 27 September 2013

أنعِش روحي



مع كل نسمة اشتياق
ولهفة انتظار
ارسمني بأحرفك يا حبيبي

أطفئ لهيب البعد بألوانك
وقربني إليك أكثر

اجعل مني فراشة
ترشف من رحيق شفتيك
أو ريحانة
يفوح عطرها بين ثناياك
أو أميرة
تسرح شعرها بأناملك

ارسمني كما شئت
وجدد ألوانك عليّ
فأنا أنثى لا تكتمل
إلا بلمسة جنون تسطرها أناملك

أنا يا سيدي امرأة
لا يثيرها في الدنيا شيء

أكثر من الكلمات

Sunday 9 June 2013

حلم مع وقف التنفيذ

11-12/3/2013
مروة العقاد- عمّان- الأردن


     الساعة التاسعة صباحاً، أستيقظ بتوقيتٍ لم أعتده من قبل، فاليوم هو يومي، اليوم سأحلّقُ بجنون وسأمارس عشقي.

     تسعة شهورٍ مضت وأنا أصارع خلالها، أصارع نفسي وأحارب من أجل إخمادها، فجميع الإشارات من حولي تخبرني أن حلمي لن يتحقق، وأن حياتي، بكل تفاصيلها، تسير على غير ما اشتهيت.

     اعتدنا أن تكون فترة تسعة شهورٍ كافيةٍ لخروج جنينٍ إلى عالم الأحياء، ليحصل بعد ذلك على كافة المهارات التي تؤهله على إكمال دربه في الحياة، وليتعلم قيمة التمسّك
بحلم والسعي من أجله. هذه الفترة كافية كذلك لدخول حلمٍ في عداد الأموات، خاصة في غابة الذئاب.

     الساعة العاشرة صباحاً، أجلس على أريكتي وأشرب قهوتي بصفوٍ ورخاء، وأتابع عبر المواقع الإلكترونية أخبار العالم، تحديداً أخبار منطقتي العربية، فيتعكّر صفوي حيناً، وتُستفزُ عروبتي أطواراً، وأوقنُ بعد كل خبرٍ أُنهيه أن الانحطاط هو سمة زمننا ومن كافة الجوانب.

     لم أمارس هذه الطقوس وما يرافقها من تأمّل منذ زمنٍ، فالعمل سرقني منها وأغرقني في دوّامة من التخبّط والإحباط، وأذابني بمزيجٍ الملل فيه يتفوّق على الترفيه، بعكس ما أخبروني!

Sunday 2 June 2013

صفحة من مذكراتي


لم أعتد المفاجآت ولم أنتظرها يوماً، كنتُ أرسمها في خيالي ثم أضحك عليها طويلاً.

لكن؛ أن يصلني اتصالٌ من مجهول، يخبرني فيه أنه يحمل لي أمانةً من شخصٍ ما، وينبّهني إلى ضرورة استلامها بأسرع وقت خشية أن تتلف، فهذا ما لم أتخيله في حياتي!

بعد انتهاء المكالمة تنبهت على أني رتّبت موعداً مع حامل الأمانة، كان الفضول يقتلني لأعرف ما يحمله لي، لكني تعمدت عدم سؤاله، أردت أن أعود لخيالي من جديد، وأن أكتشف مدى صدقه.

توقعاتي صدقت، لقد فعلها وأرسل لي باقة وردٍ تضم ألوان الحياة ورائحتها الزكيّة، وصندوقاً مليئاً باللوحات المرسومة بالكلمات.

منذ فترةٍ من الزمن، بدأت أتناسى أن للحياة لوناً ورائحة، فلطالما خُدعتُ من هذه الرائحة، ولطالما تألمتُ من ألوانها المتغيرة.. لكني؛ بعد أن لمستُ باقة الورد بأناملي واقتربتُ منها لأتجرّع قليلاً من عبيرها؛ أدركتُ أموراً كثيرة كنتُ قد غيّبتها عن واقعي وخيالي.

.....




بعطرها ستغمرني ليالٍ،
وعلى وجنتَي ستضفي لونها..

بالفرحة ستملأ قلبي،
وحواسي بالإحساس ستمدّها،

البريق إلى عينَي ستعيده،
ووجهي سترسم عليه الابتسامة..

يدي بها ستصبح أجمل،
وأسلوبي برفقتها سيزداد رقياً..

فهل عرفتموها؟

إنها وردة حمراء،
وردة ستنعش روحي الذابلة منذ زمن.

Wednesday 15 May 2013

في ذكرى النكبة




فلسطين تستحقُ الحياة،

وتستحقُ أن تسيطرَ على روحنا
ووجداننا وذاكرتنا المتوارثة،
وهذا أقلُّ الانتماء..

سنغني لـفلسطين باستمرار،
وسنُبقي خارطتها على جدران منازلنا،
سنتحدثُ عن تاريخها لأبنائنا،
وسنَطْمَئنُ بين فترة وأخرى على مفاتيح ديارنا
ديارنا التي اشتاقتنا،
وسنُحَرّضُ دوماً
على الجهاد 
من أجل العودة..

لن نُحَرّضَ ضد بلدٍ عربيٍ يأوينا،
وإنما ضد عدُوٍ شرّد الآلاف منا..

يا وطني العربي الذي يستضيفني؛
أعشقُك وأحنُّ كلّ يومٍ لوطني،
أفخرُ بكَ وأحاربُ من أجل وطني،
أعيشُ بكَ وأعملُ لأجلك،
ويعيشُ داخلي وطني الذي ينتظرُ عودتي..



Tuesday 2 April 2013

عمّان تجمعُ ابنَتَي العم بعد ربع قرنٍ من الفراق


إصلاح نيوز - عمان - بهمّةٍ لا تعرفُ الكَلَل، ولا تعترفُ بالمَلَل، تواصلُ الأربعينيةُ “أم مراد”، التي تقطنُ في أحد منازل تلاع العلي، في عمان، رحلتها بالبحث عن كل قريبٍ أبعدتهُ عنها الغربة، فمنذُ طفولتها لَم تستقر يوماً في وطنها، حيث كان والدها يعملُ بالخارج، كحالِ كثيرٍ من أبناءِ عائلتها، الذين تفرقوا على أنحاء العالم، إمّا لدراسةٍ، أو لعملٍ يُحسّنُ من أوضاعهم المعيشية، وقد يكون الرحيلُ كذلك تفادياً لنظامٍ عُرِف بالبطش والاستبداد.
     تقول أم مراد “أفراد عائلتي مُتفرقين، ولا سبب لذلك سوى الغُربة، التي باعدت بيننا، وشغلتنا عن رحمنا، فلَم نَعتد كغيرنا وطناً يجمعُنا، ويُشعرنا بدفء العائلة وأُلفَتِها”.
     قد يتبادر إلى الأذهان أنّ أم مراد فلسطينةٌ أجبرتها قسوة الاحتلال إلى ترك وطنها، فهذا هو الشعب الذي اشتُهر بالشّتات، لكن؛ وكما يُبينُ الواقع، فالشتات هو حالُ السّواد الأعظم من شعوب العرب! حيثُ يقبعُ الظلمُ، والفقرُ، وأمورٌ أخرى.
     استقرت أم مراد، قبل حوالي العام في عمّان، مدينة الأمن والأمان، بعد فترةٍ طويلةٍ من الترحال، بدأتها مع والدها سوريّ الأصل، وأكملتها مع زوجها أردنيّ الجنسية، فوجدت الراحة والرّخاء، يُحيطُ بها أبناؤها، وأهلُ زوجها.
     لكنّ شعوراً بالوحدة بَقِي يُلازمُها، فأين هُم إخوتُها؟ وأين هُم أبناءُ عُمومَتها في هذه المدينة المُكتظّة؟ لَم تكُن تعرف عنهم الكثير، ولَم تكُن تتواصل معهم إلاّ من خلال اتصالاتها التي تواظبُ عليها بين الفترة والأخرى، وحين تقابلهم في زياراتٍ متواضعةٍ إلى وطنها.
     وفي يومٍ كانت تتجولُ فيه أم مراد بين المحال، دخلت إحداها لتفاجأ ببائعةٍ قريبةٍ منها باللهجة، ومن حديثٍ سريعٍ دار بينهما، تبيّن لها أنّ إحدى بنات عمّها وعائلتها تقطن في أحد أحياء عمّان، وأنّ بينها وبين هذه البائعة قرابة، فسجّلت أم مراد رقم ابنة عمّها، بنيّة وصلها، وإعادة ذكريات الطفولة بينهما، التي كانت تحدث منذ سنين طويلة، في عطلات الصيف، حين تجتمع العائلات في الوطن، ولبناء علاقةٍ جديدةٍ كان لا بُدّ من وجودها منذ زمن.
     ”ستجمعُني مدينةُ عمّان بأحد أقاربي من جديد، وهذه ليست المرة الأولى التي ألتقي بها أحدهم في عمّان، حيث اعتدتُ من هذه المدينة لقاءَ الأحبّة باستمرار”، بهذه الكلمات عبّرت أم مراد عن مشاعرها حين علمت بوجود ابنة عمها، التي كانت قد التقتها آخر مرةٍ، قبل حوالي ربع قرن!
     اتصلت أم مراد بابنة عمّها، لكن ابنة العم لَم تعرف هويّة المُتصِل إلاّ بعد أن أخبرتها أم مراد أن اسمها يطابقُ اسمَ جدتهما المشتركة.
     ”شعرتُ بسعادةٍ غريبةٍ حين حدّثتني أم مراد، خاصّة حين علمتُ بإقامتها في المدينة التي أقطنها، فعائلتُنا مُتفرقةٌ بطبعها، وهذا أمرٌ لطالما أحزنني”، هكذا وصفت ابنةُ العم شعورَها أثناء المكالمة، وأضافت “استذكرتُ خلال حديثنا أيّام الماضي، وشعرتُ بالحنين لها، فاتفقنا على موعدٍ نلتقي به، لنَصِلَ رَحْمَنا من جديد”.
     بالفعل؛ التقتا ابنتا العم، وأكثرُ ما كان يشغلُ فِكرَهُما، كيف ستكونُ هيئةُ كلٍّ منهُما، لكنّهُما تعرفتا على بعضهما من النّظرة الأولى، فالدّمُ الذي يَسْري في عروقهما واحدٌ، بحسبِ أمّ مراد.
     تعدّدت اللقاءاتُ بين ابنَتَي العم بعد ذلك، وتعرّفت عائلةُ كلٍّ منهُما على الأخرى، وسُرعانَ ما تمّ التآلُفُ بين العائلتين، حيثُ تقولُ أم مراد “زياراتُنا الأولى حملت طابَع التلقائية، فتعاملنا مع بعضنا كصديقتَين لم يمضِ أيّامٌ على آخر لقاءٍ جمعهُما، ولَم نشعر خلال الأحاديثِ التي تبادلناها؛ بالبعد الذي أرغمتنا عليه الغربة”، تؤكدُ ذلك ابنةُ عمّها التي تقول “تملّكتني الرهبةُ قبل ساعاتٍ من لقاء أم مراد، ففكّرتُ بما قد يدور بيننا من أحاديث، وبما عليّ فعلُهُ ضيافةً لها، لكنّي بعد رؤيتها، شعرتُ براحةٍ كبيرة، وعاملتُها كأني أعرفُها منذُ زمنٍ طويل، وأنا فعلاً فخورةٌ بها، وبمُبادرتها التي جَمَعت قريبتَين فارقت بينهُما ظروفُ الحياة القاسية”.

الاثنين ٢٦\١٢\٢٠١١

* تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لإصلاح نيوز: