Tuesday 20 September 2016

شرفة مطبخهم.. شرفتي

على شاطئ الهدوء ألقت بي الأقدار، وفي بحر الصمت غرقت، قاومت، تعاركت، فقدت بعضاً من حواسي، لكني لم أفقد رغبتي بالحياة.

أوصلني شغفي إلى مطبخهم، كان وصولي انتصاراً، فها أنا ناقصة الحواس أمتلك اليوم مملكة تتمنّاها الإناث.. أو إن صحّ التعبير، أمتلك وظيفة تنبع من المطبخ وتصبّ فيه، كم تخطّيت من أمواج لأصل إلى هذه الوظيفة، وكم أبحرت بعد ذلك في خيالي هرباً منها.. من هذه الوظيفة التي أصبحت تقضي على ما تبقّى بي من حواس وتدفن كل ما بداخلي من إحساس.

أصبحت أهرب من الفاجعة بالنوم، وعند استيقاظي ألجأ للرسم، فالرسم بالنسبة لي لغة أتقنها.. رسمت فتاة ببطن كبير، رسمت طفلاً صغيرا،ً ورسمت عائلة بلا أب.
في مطبخهم تعلّمت الكثير من أصناف الطهي، وتعاملت مع القليل من أصناف البشر، كنت أعدّ الكثير من الطعام، لا أعرف لمن! كان منزلهم خالياً إلا من أنفاسي وأنفاسهما، هذان الكهلان الوحيدان، هذان الوحيدان إلا من ذكرياتهما المعلّقة على جدران الفرح والشباب.

كان حضوري إليهما كسراً للروتين، فعلى الرغم من تفاجئهما كوني لا أتحدث ولا أسمع، إلا أنهما رحّبا بي، وقرّرا تعلّم لغة الإشارة من أجلي، وتعليمي لغة الومضات من أجلهما، وضعا في المطبخ أجراساً ضوئية بألوان مختلفة كي أتنبه على نداءاتهما الصادرة من غرفة النوم، وغرفة الجلوس، وباب المنزل، باب المنزل الذي لم أخرج منه منذ دخولي إلى عالمهم.. كانت شرفة مطبخهم، شرفتي، مخرجي من هذا العالم.

كانا ينامان في تمام الساعة الثامنة مساءً، وكنت أنام بعدهما بساعات.. كان الليل بغيابهما ممتعاً، أقضيه على شرفة مطبخهم، شرفتي التي أنام فيها، أحلم، أستيقظ وأسهر لأستحضر الذكريات أو لأقلّب نظري على كل ما يظهر لي من مشاهد.. ما أجمل السهر على هذه الشرفة.

كل ليلة، في تمام الساعة التاسعة، كنت على موعد مع شرفتي، أخرج إليها، أفتح بعضاً من نوافذها وأسند ذراعيّ على واحدة منها، ثم أسند رأسي على ذراعيّ وأمدّ بصري للأسفل.

رغم وقوفي الطويل على هذا الشكل، إلا أنني لم أكن أشعر بالتعب، فقد كان شغف اللقاء بأشخاص والتعرّف على حكاياتهم يملأ كل خلية في جسدي، أنا المشتاقة لبسمة ما، أو لمجرد نظرة.

التقيت بأطفال يلهون بحرية في الشوارع، وبعائلات تأكل ما لذّ وطاب على موائد حدائقها، رأيت أدخنة كثيرة تنبعث في السماء من أفواه الساهرين، وأعيناً مترقّبة تكتشف وجودي فيحرّك أصحابها أفواههم بكلمات لا أدركها.. كنت أشيح بنظري عنهم لأجد عشاقاً يحتمون بظلال الأشجار هرباً من الكبار، وسيارات فارهة يصفّ أصحابها بهدوء على أبواب منازلهم، وفي أكثر الأماكن إنارة كنت أجد يداً ممتدة للسماء ومجموعة أشخاص يبتسمون لها.. كنت أضع نفسي مكانهم وأطلق العنان لخيالي، لتعيدني إلى الواقع إشارات رجل من الأسفل.. أكره هذا الرجل، كان دائم التجسّس عليّ، ماذا تراه يريد؟

في ليلة صيف هادئة، لفتت نظري ومضات جرس المنزل، كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباحاً، تفاجأت.. حملني الفضول لأرى من الطارق.. كان ذاك الرجل الكريه، لم يكن كريه الحضور فحسب، بل الرائحة كذلك، هذا ما استنتجته بعد لحظات من فتح الباب، حاولت منعه، قاومت كثيراً.. لكنني فشلت.

لقد كان حارس المنزل الذي أعمل فيه، وكان لزاماً عليّ التعامل معه، فأنا وهو من نتشارك في تسيير الأعمال من الداخل والخارج.

مع مرور الليالي، بدأ الوقوف الطويل يرهقني، ولم أعد قادرة على الالتصاق بسور الشرفة ومدّ بصري للأسفل، فكتلة بيني وبينه بدأت تظهر.. أصبحت أهرب من الفاجعة بالنوم، وعند استيقاظي ألجأ للرسم، فالرسم بالنسبة لي لغة أتقنها.. رسمت فتاة ببطن كبير، رسمت طفلاً صغيرا،ً ورسمت عائلة بلا أب وكل ما يخطر في البال من رسومات ترمز للحمل.. كنت ألقي برسوماتي هذه من الشرفة، حيث يقف ذاك الرجل، لكنه لم يعد يلتفت لي ولا لشيء منّي.. أصبحت أمرّرها مع ورقة الطلبات اليومية التي أعطيه إياها عبر الباب، لكنه كان يكتفي بتمزيقها.. حاولت أن أخبره بالإشارات لكنه اتّخذ الدرج مهرباً له واختفى. الدرج، قد يكون مخرجي، سأزرعه نزولاً وصعوداً وبأقصى ما أملك من سرعة لعلّه يُثمر بتحريري..

محاولتي الأولى لم تنجح، سأحاول غداً، لكنني سأشرب خلال سهرتي على الشرفة إبريقاً من شراب القرفة، فقد سمعت أن أثره يجدي نفعاً في هكذا حالات، وسأواظب على ضرب ذنبي الذي لم أقترفه لعلّني أتطهّر منه الليلة.

هذه حكاية فتاة ضحّت بعمرها لتنتشل عائلتها من جيوب الفقر المليئة في بلادها، هذه حكاية اكتفت بذكر الوحدة التي تعاني منها العاملات والاستغلال.
استيقظت في الصباح الباكر ولا تزال هذه الكتلة تثقل قلبي قبل جسدي.. سأعيد ما فعلته البارحة، قبل الإفطار وقبل أن يستيقظ أحدهما ويلتفت إليّ.

مرّة، مرّتان، ثلاث، أربع، خمس، آه.. لم أعد أقوى على العد، صوت لهاثي أصبح عالياً، لكنني لن أستسلم.. أين وصلت بالعد؟ لا أذكر.. إذاً من جديد.. مرّة، مرّتان، ثلا.. ثلا.. آآآه.

يا له من صداع.. يا إلهي! رأسي ينزف ويبدو أنني أنزف من مكان آخر كذلك.. آآآه.. كلّي أتألّم.. هل سيشعر بي أحدهم؟ هل سيراني أحد السكان؟ لن أستجدي الأمل، سأكتفي بضمّ نفسي على عتبات الألم، فأنا مجرّد عاملة، لا صوت لها سوى الأنين.

- هذه ليست حكايتي، هذه حكاية فتاة ضحّت بعمرها لتنتشل عائلتها من جيوب الفقر المليئة في بلادها، هذه حكاية اكتفت بذكر الوحدة التي تعاني منها العاملات والاستغلال الذي قد يواجهنه دون التطرّق للعنف اللفظي والمعنوي الذي يمارس ضدهّن.. وما خفي كان أعظم.



*تجدون التدوينة كذلك على مدونات الجزيرة:



Monday 5 September 2016

خلص.. فلسطين عيّدت

اعتدت الانتظار طويلاً حتى يتكرّم أحد سائقي التكسي بالوقوف لي والموافقة على نقلي إلى وجهتي، فعلى الرغم من ازدحام شوارع عمّان/ الأردن بهم، إلا أن هذه الشوارع مزدحمة كذلك بالواقفين على عتبات الانتظار.

أزمة الانتظار المهلكة هذه، دفعت كثيراً من الواقفين إلى التنازل عن حقهم بركوب سيارة تكسي خاصة بهم وحدهم، هذه الأزمة نفسها، هي التي مكّنتني قبل حوالي أسبوعين من التعرّف على سائق تكسي يجيد الحديث بثلاث لغات غير العربية، كان يُظهر براعته بالإنجليزية مع كل انعطافة يطلبها منه الراكب الأجنبي الذي يجلس بجانبه.

كانا يتبادلان الأحاديث وأنا أستمع لهما تارة، وأسرح أطواراً، ثم جذب سمعي الراكب الأجنبي وهو يعبّر عن تفاجئه لحديث السائق باللغة الفرنسية، أنا تفاجأت كذلك، فأعدت تركيزي إليهما، كنا قد أصبحنا على مقربة من وجهتي، فتحدثت بعد صمت طويل لأرشده إلى طريقي، في هذه الأثناء، التفت السائق إلى الراكب الذي بجانبه وسأله:

-
ما شلومخا؟ (جملة عبرية تعني "كيف حالك؟")
توقفت حركة السيارة وعمّ الصمت لبضع لحظات، لأكسره بإجابتي:
-
شلومي توف. (جملة عبرية تعني "أنا بخير")
لم يستطع سائق التكسي إخفاء دهشته، التفت إليّ وقال:
-
عمّي.. إنتي من وين؟!

سؤاله أوقعني في حيرة لطالما وقعت بها، كيف تراني أجيب! من أين أنا؟ وهل وطن واحد يكفي لمن نشأ مثلي؟

إن أخبرته بأنني أردنية سأشعر بوخزة في صدري، فكيف نسيت إخباره أنّي يافوية الأصل، وأن والدتي دمشقية، وأنّي أتمتّع بطيبة أهل الحجاز! وإن اكتفيت بنسب نفسي إلى فلسطين، سأشعر بوخزات من تأنيب الضمير، فأين الأردن التي ضمّتني ورعت إنجازاتي؟ أين سوريا التي زادت جمالي؟ وأين السعودية التي صبغتني بطابع ميّزني عمّن حولي؟

بكل الأحوال، وبعيداً عن حيرتي التي وقعت بها، أجبته على النحو التالي لأنفي ظنّه بكوني من سكان فلسطين "الضفة" أو فلسطين "الـ 48":

-
يا ريتني من سكان فلسطين، أنا من هون.. بس تعمّدت أتعلم اللغة العبرية.
-
والله..! وليش؟
أعاد تحريك السيارة وأنا أجيبه كما اعتدت وبكامل ثقتي:
-
لإنها لغة عدوّي.
-
عن أي عدو بتحكي يا عمي؟!
-
عدوّي.. عدوّنا المشترك.. إسرائيل!

نظر إليّ عبر مرآته نظرة متفحّصة، أطال النظر، وأنا كذلك نظرت إليه، كان رجلاً يتجاوز الخمسين من عمره، ببنية منتصبة توحي بأن صاحبها كان رياضياً.. انعطافة واحدة إلى اليمين ونصل إلى وجهتي، أخبرته بذلك، فانعطف وهو يقول لي:
-
القصة مش قصة عدو.. القصة إنه بدنا نعي..
-
(قاطعته): هون لو سمحت..

ترجّلت من السيارة دون معرفة ما يريد الوصول إليه، لم أقصد مقاطعته، لكنني وصلت وهذا يعني انتهاء الحوار، ومع ذلك، فقد شعرت من أسلوبه بأنه ممّن يدافعون عن التطبيع ويبرّرون وجوده، أو قد لا يكون كذلك.. لن أحكم عليه، فلم أكن قد سمعت بقية حديثه.

سرعان ما غابت هذه الحكاية عن ذهني، فلا حبكة تميّزها ولا حكم أستطيع الخروج به، ولكن، ما لم أستطع نسيانه أو فهمه حتى هذه اللحظة، ما حدث معي قبل أسبوع من اليوم، حين أجبرتني من جديد ظروف الازدحام والانتظار الطويل إلى ركوب سيارة أجرة تضمّ راكباً قبلي، كان رجلاً كبيراً يبلغ الستين من عمره أو يزيد.

وأنا أهمّ لركوب السيارة من بابها الخلفي، سمعت السائق وهو يطلب إذن هذا الرجل بالسماح لي بمشاركته السيارة ليجيبه على الفور "بلهجة فلسطينية صافية":
-
طبعاً يا عمي.. هاي زي بنتي.. ولو! أصلاً هاي القصص هيّه اللي مأخرتكوا إنتوا العرب.

لم أفهم ما القصص التي قصدها، فالواضح أنه تعمّق أكثر مما ينبغي.. لكنّني استغربت من قوله "إنتوا العرب" وكأن لهجته ومحياه لا يحملان وجهنا نحن العرب!

أرشدت سائق التكسي إلى وجهتي ثم أطلقت نظري عبر النافذة، لأسمعه يقول وأنا أتأمل أرصفة عمّان الممتلئة بالأشجار والشروخ:

- يعني أرصفتنا مثلاً مستحيل تكون زي هيك.. عنّا الأرصفة عالنظام الأوروبي.. على مستوى واحد ونظيفة وما عليها شجر، عنّا الأعمى بقدر يمشي بكل راحة وسهولة.. مش زي عندكوا. لا والشوارع.. كلها مخططة ومنظّمة.. أنا عمري ما شفت شوارع زي هان..
- سائق التكسي: بس هان الشوارع مخططة كمان..
- وين مخططة؟!
- مخططة بس مش مبينة لإنّا بنمشي فوقها.. بس لو عملنا حادث لا سمح الله بنتخالف.. غير هيك عادي..

طالت مقارنات "عندكوا وعنّا" بين الرجل وسائق التكسي، وأنا لم أفهم بعد هو من أين، إلى أن قال:
- أصلاً نص أراضي الأردن إلنا.. إحنا اللي حاميين هالبلد.. ولا شو فكرك إنت؟

شدّ سائق التكسي قبضته على مقود السيارة، رغم محاولة الكتمان، إلا أن مشاعر الامتعاض ظهرت عليه، ومع ذلك فإنه آثر الصمت، لحظات من الصمت كسرها سائق التكسي الذي لم يستطع الصمت أكثر، ليقول:
- إحنا عنّا أراضي بالبلاد (يقصد فلسطين)، مش مستفيدين منها، ومع هيك مستحيل نبيعها ليهودي.. مع إنه كل يوم بتّصلوا فينا ولاد عمي وبقنعونا نبيعها بس مستحيل نبيعها.
- يا زلمة شو مستفيدين!
- مستفيدين إنه الحق ما يضيع.
- أي حق؟ ولك خلص.. فلسطين عيّدت! كلها كم سنة وبنوخذها كلها.. مالك إنت؟!

عاد سائق التكسي لصمته على مضض، أكملنا الطريق حتى وصل الرجل إلى وجهته، ترجّل من السيارة متّجهاً لأحد فنادق عمّان، أما أنا والسائق، فقد واصلنا الطريق والتعجب يملؤنا.

فاجأني هذا الرجل، لو سمعت ما قاله من شاب في مقتبل العمر لما تفاجأت إلى هذا الحد، فجيل اليوم لم يعش معاناة التهجير والشتات، لم يشهد سرقة فلسطين بكل ما تحمله من خيرات ولم يلمس محاولات طمس أي أثر لتاريخها، ولكن، كيف لرجل بهذا السن أن يكون بكامل تسليمه وولائه؟! كيف له أن يعبّر عن حبّه لمن اغتصب أرضه ودمّر أهله؟!

لم أجد أي إجابة تشفي الغليل، حتى قرأت تدوينة على مدونات الجزيرة، يقول الكاتب في ختامها: "كارثة أوسلو الأكبر من ناحيتي، كانت يوم توجّهت إلى أحد مدراء المدارس "العربية الإسرائيلية" في الداخل الفلسطيني لأخبره بأنه لا بد من العمل أكثر على التوعية بالقضية الفلسطينية وأنه لا يعقل أن يخرج الطفل بعد سنوات من المدرسة وهو لا يعلم ما معنى النكبة ومتى احتلّت فلسطين وكيف يكون علمها وحدودها ونشيدها، فكانت الصاعقة عندما أخبرني: لا مشكلة عندي في أن تكون هناك محاضرات عن فلسطين، فهم جيراننا ولهم علينا حق!".



*تجدون التدوينة كذلك على مدونات الجزيرة:

Saturday 20 August 2016

كيفية معالجة الإعلام الأردني لقضايا الفئات المستضعفة

من هي الفئات المستضعفة التي يتحدث عنها الإعلام الأردني؟ وهل يفيها حقّها بالفعل؟
من إحدى أمسيات منتدى عبدالحميد شومان الثقافي، تأخذنا الصحفية الأردنية نادين النمري بجولة نابعة من تجربتها مع الفئات المستضعفة، وتتوقف عند محطات تلهم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وترفع مستوى الإنسانية والحساسية لديهم عند التعاطي مع قضايا تخص هذه الفئات، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر: المرأة، الطفل، الشخص ذو الإعاقة واللاّجئ.
تبدأ النمري جولتها بإظهار مقدار التغطية الذي تخصصه وسائل الإعلام الأردنية للفئات المستضعفة، فتبيّن أنها تغطية موسمية لا مستمرّة، حيث يتم تناول قضاياها إن كانت الحالة العامة تتطلّب ذلك، وبحسب المناسبة كيوم المرأة العالمي مثلاً، ومن ثم يتم نسيانها. بالمقابل، يتم تخصيص مساحة دائمة وشاملة للسياسة، وإدلاء الرأي والإقتصاد. ومع ذلك، فإنها تؤكد على أن المشكلة الأساسية لا تكمن بضعف حجم المواد فحسب، وإنّما بضعف طرح هذه المواد من قبل الصحفيين.
عدم تعمّق الصحفي بالقضايا التي يتناولها
يستخدم الصحفي أحياناً مصطلحات أو أوصاف تسيء للحالة التي يتحدث عنها، ويكون ذلك بالأغلب بسبب جهله لطبيعة الحالة وبحقوقها التي يجب عليه احترامها والعمل على إبرازها. واستشهدت النمري بخبر لأحد المواقع الإلكترونية بعنوان "ضبط أطفال لقطاء"، مستنكرة الفعل الذي تم استخدامه، حيث يعتبر فعل "ضبط" إساءة بحق الأطفال وكان من الأفضل استخدام فعل آخر بمعنى مختلف.
وتعلّق النمري، على الصحفي العمل بجد ومثابرة لتطوير مهاراته الصحفية ومعرفة الطرق الأفضل للتعامل مع مختلف الحالات التي يقابلها، كما عليه قراءة مختلف القوانين التي تتعلق بها وفهمها جيداً.
وتقع على عاتق المؤسسات الإعلامية كذلك مهمة اختيار صحفييها بذكاء ومدّهم بالدورات الكافية والوافية لرفع مستوى مهنيتهم.
إيصال رسالة أم الوصول لسبق صحفي؟
يغيب عن ذهن الصحفي في بعض الحالات أنه يتعامل مع إنسان، فيصبح هدفه من المادة التي يعمل عليها الوصول لسبق صحفي يميّزه عن غيره من الصحفيين، وفي هذه الحالة قد يسيء أو يظلم الشخص الذي يتناول حالته، وهنا، تقول النمري إنه يجب على الصحفي طرح السؤال التالي على نفسه:
هل ما أسعى إليه هو الإثارة أم تبنّي قضية وإيصال رسالة؟
هذا السؤال سيساعد بتحديد نهج الصحفي وببيان المؤسسة الإعلامية الأنسب لتوجهاته. مؤكدةً على ضرورة تبنّي المؤسسات الإعلامية لسياسات واضحة في هذا الخصوص وامتلاكها لميثاق أخلاقي يسيّر عملها.
مادة لإثارة الشفقة أم لفتح ملف حقوقي؟
ترى النمري أن قضايا الفئات المستضعفة تنال تعاطف الجمهور ويحدث من بعدها تغيير في حال تمت معالجتها بشكل جيد، لكن الملاحظ أنه يوجد نقص بكيفية معالجة وسائل الإعلام لهذه القضايا، مؤكدةً على "غياب النهج الحقوقي في التعامل مع المشكلة الأساسية، وانطلاق المعالجة من مبدأ الشفقة وإثارة المشاعر بطريقة سطحية، دون البحث في العمق أو إعطاء الطابع الحقوقي لهذه القضايا".
صحافة الـ Trend أو المواضيع الأكثر شيوعاً
تتحول أجواء الإعلام أحياناً إلى مساحة يملؤها التقليد، أو بمعنى أدق إلى صحافة الـ Trend، فبمجرد أن تظهر قضية ما على الساحة، يبدأ بتناولها الصحفيون من مختلف المؤسسات، لا يهم أن يكون في تناولهم لها معالجة أو دقة، بل المهم أن يكونوا قد واكبوا الموجة.
وبحسب النمري، فقد ينجم عن ذلك مشاكل وإساءات عدة، منها، احتمالية الوقوع بالخطأ بسبب الاندفاع الذي حال دون بحث الصحفي وتقصّيه، بالإضافة إلى عدم قدرته على التفكير بزوايا طرح جديدة من شأنها إحداث التغيير المرجو.
نفس حقوقي أم تحريضي؟
يقف أمام بعض القضايا صحفيون محرّضون، هدفهم إبطال أهمية هذه القضية والسخرية من حقوقها، وفي هذه الحالة، وبحسب النمري، فإن الدور الأكبر يكون على المؤسسة الإعلامية نفسها لتحدّ أو تساعد بتطوير هكذا صحفيين، فالصحفي بالنهاية ابن مجتمعه، أي أنه يتأثر بما تفرضه عليه بيئته.
كما تؤكد النمري على ضرورة بناء شراكة تربط المؤسسات الإعلامية بمنظمات المجتمع المدني، للسماح للأخيرة بإيصال رسالتها بشكل أسهل وأسرع ولتوعية الصحفي ورفع مستوى قدراته.
أمل لحظي أم فائدة حقيقية؟
هل تستفيد بالفعل الفئات المستضعفة من الملفات التي تنشر عنها أم أن الأمل اللحظي هو كل ما تجنيه؟
تقول النمري بأن مهمة الصحفي الكبرى تكمن بعدم إعطاء وعود مبالغة للحالة التي يتعامل معها، فلا يجوز له بأن يخبر حالته بأنه بمجرد طرح المادة ستصبح أمورها على خير ما يرام، بل عليه أن يكون واضحاً جداً وأن يبيّن بأنه سيطرحها للبحث والنقاش لكنه لا يعد بحلول سريعة.
وتضيف النمري بأنه لا بأس بأن يساهم الصحفي من خلال علاقاته بمساعدات إنسانية لحالاته التي يصعب عليه تناول قضاياها، لمعرفته مسبقاً بعدم جدواها أو لإيقانه بأن المساعدة الذاتية ستعطي أثراً أكبر، فما العيب أو المانع من أن يلبّي الصحفي نداء الإنسانية؟



*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:

Sunday 24 April 2016

وثائق بنما: تسريبات ضخمة توحّد الصحفيين وتطلق تحقيقات عابرة للحدود

بدأت الحكاية بتسريبات وصلت لصحيفة "زود دويتشي تسايتونج" الألمانية من شخص مجهول، تُظهر هذه التسريبات فساداً مالياً عالمياً يشارك فيه قادة دول، سياسيون، موظفون في الأمم المتحدة والاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بالإضافة إلى رياضيين وأبناء أصحاب نفوذ من حول العالم.
لاحظت الصحيفة وجود مشكلة، قدّرت حجم الخطر، استعانت بالاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ICIJ في أميركا، فوحدها لن تتمكن من التعامل مع 4.8 مليون بريد إلكتروني، 3 ملايين قاعدة بيانات، أكثر من 2.1 ملف بي دي إف، وأكثر من 1.11 مليون صورة ونحو 320 ألف وثيقة نصية، قام ICIJ بدوره بالتشاور مع أعضائه، من بينهم مؤسسة أريج للصحافة الاستقصائية العربية.
11.5 مليون وثيقة مسرّبة من شركة موساك فونسيكا، وهيشركة محاماة تقع في جمهورية بنما، إحدى دول وسط أميركا الجنوبية، مهمتها تقديم خدمات تأسيس شركات في المناطق ذات الضرائب المنخفضة أو التي لا تطلب ضرائب "الملاذات الضريبية" مثل سويسرا، قبرص وجزر العذراء البريطانية، وفي مناطق التاج البريطاني مثل جيرنسي، جيرسي وجزيرة مان.
عادةً ما يلجأ إلى هذه الشركات أصحاب الأموال في البلدان التي تفرض ضرائب عالية، أو من يخشون على أموالهم في بلدان مليئة بالمافيات، ولكن، هناك من يلجأ لهذه المكاتب لتغطية حجم ممتلكاته أو لإخفاء الأعمال غير المشروعة التي يقوم بها.
صحفيون من حول العالم يحققون في وثائق بنما
التقت شبكة الصحفيين الدوليين مدير فريق وحدة الصحافة الاستقصائية في راديو البلد وموقع عمّان نت الصحفي مصعب الشوابكة من الأردن، أحد الصحفيين المشاركين بحملة التحقيق في وثائق بنما المسرّبة منذ عام 1977 ولغاية عام 2015، والتي تعد أضخم عملية تسريبات في العالم.
تحدث الشوابكة مع شبكة الصحفيين الدوليين عن آلية العمل التي تم الاتفاق عليها بين ICIJ والمؤسسات الإعلامية المشاركة من حول العالم، وكيف انطلق بعد ذلك الصحفيون برحلة بحثهم وتقصّيهم للوثائق التي تسرّبت إليهم:
1-تسليم الصحيفة الألمانية للوثائق التي وصلتها من مجهول مطلع عام 2015 إلى ICIJ.
2-تبنّي ICIJ الموضوع وطلب الاجتماع بـ 110 صحفيين حول العالم.
3-اختيار الصحفيين بناءً على شروط معينة، من ضمنها مهنيتهم وانخراطهم بالعمل الاستقصائي في بلدانهم.
4-وصل عدد الصحفيين المشاركين فيما بعد لـ 370 صحفياً من 100 مؤسسة إعلامية في 80 دولة.
5-عُقدت الاجتماعات والاتفاقات بشكل سري للغاية.
6-استلم الصحفيون الوثائق المتعلقة ببلدانهم، وانطلقوا بشكل سري في عملية البحث والتحقق من صحة ما ورد في الوثائق وما إن كانت فعلاً تدين أصحابها.
7-يوجد منصة إلكترونية سرية يتبادل عليها الصحفيون المعلومات، ويضعون عليها كل ما يتوصلون إليه، كما يبقون على تواصل من خلالها مع ICIJ.
8-حدّد ICIJ ساعة بتاريخ معيّن لبدء النشر والبث فيه.
9-ما تم نشره وبثه حتى الآن ليس إلا آلاف من الوثائق، وعلى مدار الأشهر القادمة سيتم نشر وبث المزيد من الوثائق التي تم التحقيق فيها.
10-يوجد دول، كالسعودية مثلاً، لم يكن فيها مندوبين، فتعامل مع قضاياها مركز ICIJ بشكل مباشر.
11-لجأ الصحفيون في كافة تحقيقاتهم إلى اتباع قانون حق الرد، حيث توجهوا إلى المتهمين وطالبوهم بتبرير ما تم إثباته ضدهم.
التأكد من مصداقية الوثائق
يقول الشوابكة إن الحجم الهائل للوثائق التي وصلت يدل على عدم تزييفها، فقد وصلت بتسلسل رقمي وزمني يصعب تلفيقه، كما أنها احتوت على تواقيع واضحة يمكن التأكد من صحتها بكل سهولة، ومع ذلك، يؤكد الشوابكة على أن تسريب الوثائق وحده لا يكفي للإدانة، بل يتبع ذلك جهد إستقصائي كبير، يتم خلاله التأكد من صحة الوثيقة والتقصي لإظهار ما إذا كان هنالك إدانة من ورائها، فليس بالضرورة أن تكون جميع الأسماء المذكورة بالوثائق مدانة.وحول هوية الشخص الذي سرّب الوثائق، يقول الشوابكة إنه هذا ليس مهماً دائماً للصحفي، فالأهم أن هذه التسريبات صحيحة وتكشف فساداً.
فردوس خالد شاهين المجهول، هو التحقيق الذي قام به الشوابكة وعماد الرواشدة من الأردن، كشف عن ملابسات تتعلق باستثمارات رجل الأعمال الأردني خالد شاهين داخل البلاد وعلاقتها بنحو 26 شركة مسجلة في ثلاثة ملاذات ضريبية آمنة حول العالم، وكيف دخلت بعض هذه الشركات في عطاءات حكومية رئيسية مثل توسعة مصفاة البترول، وجر مياه الديسي، التي أثبتت الأولى لاحقاً تورط عدد من مسؤولين في الدولة الأردنية في الملف.
وكشف التحقيق عبر تتبّع الشركات التي يساهم فيها شاهين داخل وخارج البلاد عن الأسلوب الذي يعتمده لتجنب دفع جزء من ضرائبه بطريقة قانونية وتحويلها خارج البلاد.
تقوم الفكرة على تأسيس شركة داخل الأردن وتوزيع أجزاء بسيطة من أسهمها على المالكين المصرح بأسمائهم في السجل التجاري، فيما تسجل حصة الأسد من تلك الأسهم باسم شركة مسجلة في ملاذ ضريبي آمن خارج البلاد، يضمن عدم الكشف عن هوية المالك الحقيقي.
ردود أفعال دول العالم والدول العربية حول الوثائق
اختلفت ردود الأفعال حول العالم بخصوص الوثائق، ففي حين قامت سلطات الضرائب في أستراليا ونيوزيلندا بتحرّي أمر عملاء محليين لمؤسسة قانونية وردت أسماؤهم في التسريبات، تم فصل الصحفي العراقي منتظر ناصر بعد نشر تحقيقه عن فساد رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي.
وبينما قدّم رئيس وزراء آيسلندا ديفيد سيغموندور غونلوغسون استقالته على إثر تورطه بمخالفات مالية بحسبة وثائق بنما،رفضت الجزائر منح تأشيرة دخول لصحفي فرنسي بسبب مشاركته بتسريبات بنما وتناوله موضوع الجزائر.
بالمقابل، كانت تونس، الدولة العربية الأولى التي تحقق في وثائق بنما، في وقت اعترف فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه أخطأ بطريقة تعاطيه مع وثائق بنما، وقال إنه سينشر عائداته الضريبية للعام الحالي والأعوام الماضية.
فيما طالبت المجموعة العربية الاستشارية للشفافية الحكومات العربية بفتح تحقيقات فورية حول تسريبات بنما.
وحول ردود الأفعال هذه، يقول الشوابكة إننا للأسف نعمل في ظل حكومات غير صديقة للإعلام، فبدل أن تتحرك بحملات قضائية، اكتفت بالتجاهل أو الإنكار.


*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:

Wednesday 13 April 2016

الأطفال في عزلة الحواسيب اللوحية

ما إن دخلت سارة (22 عاماً) أحد المطاعم الشهيرة في عمّان برفقة شقيقها الذي يصغرها بعشرة أعوام حتى عاد بها الزمن إلى أيام طفولتها، لتقارن بين طفولة جيلها وطفولة جيل أخيها.

تقول سارة "في الماضي كانت الألعاب الجماعية التي توفرها المطاعم أو الموجودة في الحدائق العامة تجمعنا بأبناء جيلنا، لنلعب معا بمرح كأننا نعرف بعضنا منذ زمن، لكنني الآن لم أعد ألحظ أي طابع جماعي في ألعاب الأطفال، إنهم يميلون إلى العزلة والهدوء، فبأيديهم أجهزة لوحية تكفيهم وتغنيهم".

وتضيف "حتى أن أحد المطاعم وفّر -بالإضافة إلى الألعاب التقليدية- قسماً خاصاً بالأجهزة اللوحية، التي جذبت أنظار الأطفال إليها، وأسهمت في ترك الألعاب التقليدية فارغة".

يشبّه المستشار الاجتماعي سيد الرطروط التغيرات التي طرأت على تصرفات الأطفال بالعدوى التي وصلتهم من أسرهم.

حيث يقول إن منظومة التواصل بين الأهل وأبنائهم تراجعت بسبب التطور التكنولوجي الذي طال الجميع، مما جعل الأطفال يجدون أجهزة جديدة تغنيهم عن أهاليهم المشغولين عنهم بأجهزة شبيهة.

في المطعم ذاته، التقت مجلة الجزيرة أسماء (العشرينية) التي كافأت ابنتيها (خمسة أعوام وثمانية) بإحضارهما لتناول وجبات الطعام التي يحبانها، ومن ثم اللعب على الأجهزة اللوحية التي يوفرها المطعم.

تقول أسماء إنها تحاول قدر المستطاع تقليل فترة لعب ابنتيها على الأجهزة اللوحية، لأن انغماسهما في اللعب عليها يزيد انطواءهما وتحولهما إلى فتاتين عدائيتين في حال غيابها.

منى (33 عاماً) أم لثلاثة أطفال، لاحظت كذلك انجذاب أبنائها إلى الأجهزة اللوحية أكثر من أي لعبة تقليدية أخرى، الأمر الذي جعلهم يجهلون كيفية اللعب الجماعي.

تقول منى "للأجهزة اللوحية أثر إيجابي كبير على الرغم من السلبيات الكثيرة التي تحيط بها وتؤثر على أطفالنا"، حيث لاحظت أن هذه الأجهزة ساعدت في تنمية إدراك أطفالها في وقت مبكر لم يكن ليحدث مع أطفال من أجيال سابقة، كما أنها ساعدت في منح أطفالها قسطاً من الهدوء.

يؤكد ذلك الرطروط، حيث يقول إن الأجهزة اللوحية تزيد ذكاء الأطفال ومدى تفاعلهم، لكنه يصرّ على ضرورة رقابة الأهل على جميع حركات الأطفال عليها.

وهذا ما أكدته منى التي تحافظ على متابعة ما يفعله أطفالها، وتخصيص ساعات محددة لاستخدام هذه الأجهزة، كي لا تتحول إلى إدمان وتؤثر سلباً عليهم، وليكون لديهم وقت آخر للعب التقليدي وممارسة حياتهم الطبيعية.

وفي ما إن كان استخدام هذه الأجهزة يزيد مستويات العدائية لدى الأطفال، تقول منى "لاحظت على ابني الأكبر بعض التصرفات العدائية، وهذا يعود إلى نوعية الألعاب
والبرامج التي يختارها، فهو يحب اللعب بالديناصورات كثيراً، الأمر الذي يجعله يطبق حركاتها على إخوته الأصغر بمجرد تركه جهازه اللوحي".

مضيفة "بشكل عام، تزيد نسبة العنف عند كافة أبنائي إن زادت فترة جلوسهم على الأجهزة اللوحية أو إن غابت عنهم كلياً، لذلك أحاول تخصيص وقت محدد لاستخدام هذه الأجهزة وتعويدهم على عدم التعلق بها وخلق بدائل كثيرة لهم".

من خلال تجربة الثلاثينية حنان مع أبنائها، لاحظت وجود الكثير من الألعاب غير المدروسة التي تعتمد على العنف أو السرعة المبالغة لتخطي مراحلها، مما قد يؤثر بشكل سلبي على قدرات الأطفال ويفقدهم التركيز في ما حولهم.

تقول حنان "أحاول إبعاد أطفالي عن الألعاب المضرة، لكنهم بشكل أو بآخر يلعبونها"، مضيفة "ابني (سبعة أعوام) يصرّ على تحميل ألعاب العنف، فهو متعلق بها بشكل لا يوصف، الأمر الذي جعلني بعد فترة من لعبه ألاحظ تغيراً على أسلوبه في التعامل مع أخيه الأصغر (خمسة أعوام)، حيث أصبح يميل إلى الضرب خلال لعبه معه، وإلى فعل حركات غريبة في الهواء مع إطلاق تسميات غريبة لكل حركة".

بالإضافة إلى ذلك -تقول حنان- إن هذه الأجهزة أفقدت الأطفال بشكل عام قدراتهم على التواصل والتحاور مع بعضهم ومع من حولهم، حيث جعلت مستوى ذكائهم الاجتماعي يتدنى، وجعلتهم يميلون إلى الانفراد خلال لعبهم.

وتواصل حديثها "كان أبنائي وأولاد عمومتهم يلعبون معاً باستمرار، لكنهم أصبحوا الآن يجلسون معا دون أي تواصل، ففي يد كل واحد منهم جهازه اللوحي، الذي حرمهم من متعة التواصل وتبادل الخبرات". و"أعمل جاهدة على إبعاد أطفالي عن هذه الأجهزة، لكن التحدي صعب وكبير في ظل انتشارها الواسع وسحرها عليهم".

وفي هذا الخصوص، يقول الرطروط إن الأجهزة اللوحية سلاح ذو حدين؛ فهي قادرة على رفع مستويات الذكاء لدى الطفل، وتدميره ورفع مستويات العدائية لديه أيضا، وذلك يعود لرقابة الأهل، ومراقبة سلوكه الناجم عن استخدامها لدراسة أسبابه ومعالجته.


وفي ظل الانتشار الواسع للأجهزة اللوحية بين الأطفال، يبقى السؤال الأهم الذي لا بد من الالتفات إليه هو: هل ستغير هذه الأجهزة فطرة الأطفال التي كانت تجري خلف كرة القدم أو تنطلق إلى الأرجوحة أو تختار لعبة جماعية "كالاستغماية" بفطرة ميّالة إلى الوحدة وبعيدة عن روح الجماعة؟



*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني للجزيرة نت: