Sunday 21 June 2015

لم ترُق له

كانت مناسبة لتبهر أبناء المدينة، أما هو، ابن الجبال البعيدة والآمال الكبيرة، فقد اكتفى بضحكة طويلة كصبرها ومستفزة كصمتها، صمتها الذي رافقته نظرة حزينة كثمار مدينتها الجميلة، مدينتها الجميلة كروحه، روحه التي خذلتها.

كانت متأخرة رغم ثمرها، ثمرها الذي لم تتقنه كما قال لها، سرّية رغم علمهم بها، هم الذين لم يحرجوها بأسئلة عنها وعن صاحبها.

كانت رمزية، تهمس بأسرار كثيرة وتعترف بمشاعر دفينة، مختلفة، تتمرّد على خيوطها لتلقي بروحها البيضاء في دروب حزينة فتنسج أثواب فرحة قريبة.

كانت وكانت وكانت، لكنها لم تكن حين تقابلا وقدّمتها له كما تمنّت.

تمنّت أن تأسر حواسه، أن تسحر كيانه، أن تخطفه من عالمه وتلقي به في دوامة من الذكريات.

لكنها لا تذكر منه سوى ما قاله بإعجاب حينها وهو يتفحّص تفاصيلها "من يجيد هذه الحياكة، يجيد حياكة أجمل الحكايا... صدقيني، هناك رابط قوي بين الأمرين".

لم تكن بانتظار تأكيده على وجود هذا الرابط، فنظراتها التي ألقت بها عليه لم تكن سوى تعبيراً عن دهشتها مما لفت انتباهه من كل هذه الحياكة!


رغم حبّها للكرز ولكل ما يرمز له في ذاكرته وفي وجدانها، إلا أنه عجز عمّا تمكّن منه الياسمين، ذاك الياسمين المشاكس رغم خجله، المنفي رغم جمال عبقه، ذاك الياسمين الذي أضفى عبيره على يدها وانسحب برقة وهدوء، بعد أن أشعل صاحبه كافة حواسها.

عبالها


عبالها 
تطلّ من شي شباك
وتاخدها بهالساحات


تنسی كل شي بسماك
وتركز عهالنجمات


تبعد عن كل هالزراق
وتطلّع عهالغابات


عبالها
تضيع وتضيّعها بهواك
ما تغيب وتتركها وراك



قلبها عم يبكي الفراق
وروحها عم بتئن من الغياب

Monday 1 June 2015

خيبة



كلّما
جذبت رائحة
شعرت بالغثيان

وكلّما
عانقت شخصاً
تألّمت من الاغتراب

ظنّت أنها عثرت

فتوهّجت روحها
ونضجت ابتسامتها

لحظة، لحظتان
فدقائق وساعات

بهت نورها
وخفت سحرها

فأصبحت تُبصر ظلاماً
وأمست تسمع نواحاً

وعلقم الخيبات
بذائقتها بات يعصف

فعاد الخذلان
وغاب المرجان

Saturday 23 May 2015

من الهزة الأرضية التي ضربت نيبال: دروس ونصائح في التغطية الصحفية


في أعقاب الهزة الأرضية الأعنف في السنوات الماضية، والتي ضربت دولة نيبال، الواقعة جنوب شرق آسيا، بتاريخ 25 نيسان/ إبريل الماضي، وصل عدد الضحايا إلى ما يقارب 7.5 آلاف شخصاً.
وفي ظل تداول بعض الصور المزيّفة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية ونسبها إلى هذه الكارثة الإنسانية، خصّصت هيئة الإذاعة البريطانية BBC مادة على موقعها الإلكتروني تُظهر فيها أصل صورة انتشرت بشكل هائل على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً فيس بوك وتويتر تحت عنوان "طفل يعانق أخته عقب الهزة الأرضية في نيبال"، ليظهر أن هذه الصورة التُقطت عام 2007 في فيتنام.
على أثر الكارثة التي حلّت بنيبال قام موقع "مركز دارت"، وهو موقع موجّه للصحفيين، بتقديم مجموعة من النصائح والمصادر لتغطية الكوارث الإنسانية والطبيعية ومعرفة الطرق الأفضل للتعامل معها ومع الصدمات التي تتبعها. ننصحكم بالاطلاع عليها كاملة، هنا. وها هي بعض المقتطفات من نصائح اخترناها لكم:
1-وضع خطة مسبقة
التفكير بطريقة تغطية الأحداث حال وقوعها أمر غير مجدٍ وقد يفوّت على المؤسسة الإعلامية الكثير من الأخبار الهامة، لذا، لا بد لها من التفكير مسبقاً بالكيفية الأنسب للتعامل مع الأحداث المفاجئة، على رأسها الكوارث الطبيعية، والسؤال عن مدى كفاية وجهوزية إمكانياتها لتغطية هكذا أحداث.
2-دعم الفريق الصحفي
اعتماد فكرة العمل الجماعي وتوجيه الدعم اللازم من داخل المؤسسة للطاقم الصحفي الذي سيقوم بتغطية الكارثة، يعدّ من أنجح الطرق التي يجب أن ينتهجها المسؤولون في المؤسسات الإعلامية للخروج بإنتاج صحفي مميّز يتزامن مع الحفاظ على تماسك الفريق. وهنا نصائح تساعد على ذلك:
-قبل بدء المهمة
1-الجلوس مع الفريق الصحفي ورسم صورة مسبقة له لما قد يواجهه خلال تغطيته للكارثة، إعلامه بالمخاطر الجسدية والنفسية التي سيتعرض لها، وإرشاده إلى كيفية التعامل معها، مع ضرورة إخباره بما ستقدمه له مؤسسته من دعم خلال ذلك.
2-إظهار التقدير والإمتنان للصحفيين الذين سيغطّون الكارثة، هذا سيدعمهم ويساعدهم على المضيّ قدماً.
3-إيجاد طرق اتصال دائمة بالصحفي للاطمئنان عليه وإشعاره بالأمان على الرغم من ظروف التغطية الصعبة
-خلال المهمة
1-التشجيع الدائم والحث على الاستمرار في العمل، فالأشخاص بشكل عام يصبحون أكثر هشاشة وضعفاً في الصدمات، وتصبح الحاجة إلى دعمهم أكثر أهمية من أي وقت سابق.
2-إيصال رسالة إلى الفريق الصحفي مفادها "لا بأس لو شعرت بالوهن، لا بأس لو أخبرتنا عن مشاعر الخوف والضعف التي تعتريك، فأنت إنسان في نهاية المطاف".
3-الاستمرار بالتذكير بضرورة اعتناء الفريق الصحفي بنفسه، وبحاجته إلى النوم الجيد والأكل وممارسة الرياضة إن استطاع والترفيه للحفاظ على توازنه خلال تغطية الأحداث.
4-توفير كل ما يحتاجه الفريق الصحفي في أرض الحدث، فأي نقص قد يزيد من توتره ويقلّل من إنتاجيته. ننصحكم أيضاً بالاطلاع على نصائح للمحررين والمدراء لمزيد من المعلومات.
-بعد إنجاز المهمة
اشكر فريقك الصحفي على أداء مهمته، بالغ بشكره، أظهر له تقديرك واحترامك، سراً وعلانية، فذلك سيحثّه على مزيد من الإنتاجية. يمكنكم قراءة دليل حول مساعدة المراسلين والمحررين على تغطية الأحداث العنيفة والمؤسفة مع الحرص على حماية أنفسهم والضحايا على حدٍ سواء.
إتقان الصحفي لأخلاقيات التعامل مع الضحية، حتى يخرج في نهاية المطاف بقصة مؤثرة وصادقة دون التعدي على حق أحدهم. من الأخلاقيات التي يجب صونها بالتعاطي مع الضحية:
- احترامها وحفظ كرامتها
- تقبّل رفضها عدم الحديث، ولكن عدم سدّ الباب نهائياً، بل إعطائها وسيلة اتصال في حال غيّرت رأيها، وفي معظم الأحيان ستغيّر رأيها وتعود للبوح بقصتها.
- التعامل معها كحالة منفصلة ومهمة، وعدم اعتبارها رقماً.
- عدم التسرّع بالنشر، والتأكد من كل معلومة تم الحصول عليها من الضحية، حتى لا يتم وضعها أو وضعك بموقف محرج.
- عدم التركيز على الموت وكيفية حدوثه بقدر التركيز على حياة الضحايا قبل موتهم أو قبل أن يحلّ بمنطقتهم الدمار.
- تجنّب إعادة نشر صور الدمار أو الأموات في الذكرى السنوية للكارثة أو الموت، بل التركيز على التحسينات التي تمّت في الأماكن المنكوبة، وكذلك نشر لمحات من حياة من قضوا في تلك الكارثة.
في الوقت الذي ستتابع فيه معظم الوسائل الإعلامية تطور الأحداث بشكل عام وستتعامل مع الضحايا كأرقام، ركّز جهدك على الأفراد، ولاحق حكاياتهم الصغيرة لتخلق منها قصة كبيرة من شأنها أن تؤثّر في القرّاء وتُظهر الجوانب المخفية من الحدث، لكن، وخلال ذلك، تذكّر ما يلي:
- لا بأس لو تأخرت عن موعد تسليم مادتك إن كانت الضحية سبباً في ذلك، فالحصول على مادة جيدة يتطلّب منك الصبر على الضحية التي تعيش حالة مأساوية وتحتاج لأجواء آمنة حتى تشعر بالراحة وتتحدث.
- عبّر لضحيتك عن حزنك لما جرى معه/ها، ولكن، إيّاك وأن تقول للضحية عبارات مثل "إنّي أشعر بمصابك" فهذا سيشعر الأخير بمبالغتك وبعدم صدقك.
- لا تبدأ بأسئلة صعبة ومعقدة، بل اسأل ببساطة عمّا حدث واستمع، حينها ستحصل على كل الإجابات.
- تجنّب بعد انقضاء الكارثة إعادة نشر صور الضحايا، فهذا قد يزعج أهلهم أو يؤثر سلباً عليهم.
- مهما كانت السرعة مهمة في عملك الصحفي، عليك أن تتوخّى الحذر قبل النشر، والتحقق، ثم التحقق لتتجنب أي خطأ قد يؤثر سلباً على الضحية.
لقراءة النصائح والإرشادات الكاملة، انقر هنا.
تحمل الصورة رخصة النطاق العام على ويكيميديا، بواسطة Hilmi Hacaloğlu.

*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين  :ijnet

Thursday 26 March 2015

فلسطينيو سوريا.. رحلة لجوء جديدة

حتى هذه اللحظة، وعلى رغم الفراق والضياع، التهجير والتهجين، اختلاط اللهجات والجينات، إلا أن هويتي لا تزال فلسطينية.

هذا ما أكده لي سائق تكسي في مساءٍ ليس ببعيد، حين كنتُ أهمّ بإعطائه أجرته بعد أن أوصلني إلى وجهتي، ليفاجئني بلهجة فلسطينية صافية، وهو يقول "حكيِك وهِيئتك يا عمو بيؤولوا إنك فلسطينية، ولا أنا غلطان؟"، شعرتُ بنشوة النصر، ملأني الفخر، فرفعتُ رأسي على الفور وأجبته بابتسامة تعشق الحياة "صحيح أنا فلسطينية".

آآآه ما أعظمه من شعور! فلا تزال ملامحي تحملُ هويتي، وها هو لساني يُخبر عنّي وعن جيلَيْن سبقاني.

آآآه ما أجملني! آآآه كم أنا فلسطينية!

ولكن؛ ما أبشع ذاك الشعور حين يضمحل، حين يحلّ مكانه الخزيّ والعار، حين يذكّرك أنك نسيت جزءاً منك، أنك أصبحت بعيداً عنك!

آآآه ما أبشعني! آآآه كم أنا غريبة اليوم!


حاصِر حصارك

في أكثر من 100 مدينة حول العالم أُقيمت في الأيام الماضية فعاليات أسبوع "حاصر حصارك" العالمي لمقاومة الاستعمار والفصل العنصري الصهيوني.

في عمّان عاصمة الأردن، وفي مسرح البلد تحديداً، حضرتُ جزءاً من هذه الفعاليات، لقد كنتُ متعطشة جداً لجرعة غضب جديدة، لحق عودة يقترب كل يوم، لأذكّر نفسي بوحشية الاحتلال الصهيوني في الضفة وقطاع غزة، لأعيش مقاومة يسطُرُها بعزة وكرامة شعبُ فلسطين الأبيّ، شعبي الذي بدأ يتلاشى صوته في خضمّ الأحزان العربية المحيطة. 





فلسطينيون لا مرئيون يعيشون في سوريا


"لا سبيل للعودة الآن، يا صديقي" شدّني اسم الفيلم الوثائقي للمخرجة اللبنانية كارول منصور، ففي قاموسي، عودة مرادف لفلسطين، وأي مرادف لفلسطين يُلزمني بأن أكون أول الحضور.


بنيتُ في مخيّلتي الكثير من السيناريوهات عمّا قد يقدمه الفيلم عن فلسطين، لكنّي نسيتُ سيناريو واحداً.. سيناريو فاجأني كصفعة والد يخشى على أبنائه من الهلاك أكثر.

إذاً، هو أسبوع مختلف، فقد تحدث عن فلسطينيي الشتات الأقل حظاً، الأكثر نسياناً.. هؤلاء الذين يعيشون تاريخ أجدادهم، تاريخ النكبة الأولى، ولكن، بنكهة سورية، وما أمرّها من نكهة.

آآآه كم أنا صغيرة! كيف لم أتذكرهم من قبل! كيف نسيتهم إلى هذا الحد! إنهم يتقاسمون مع السوريين الخوف والقلق، الموت والفقدان، النزوح واللجوء، لكننا لا نراهم، لا نشعر بهم!



مخيم اليرموك.. نبض فلسطين في سوريا

كثيراً ما كنتُ أحتار وأضيع إن سألني أحدُهم "من أين أنتِ؟"، كيف تُراني أجيب! من أين أنا؟ وهل وطن واحد يكفي لمن نشأ مثلي؟

في كل مرّة أجيبُ بها بأنني أردنية أشعر بوخزة في صدري، فكيف نسيتُ إخبارهم أني فلسطينية من يافا، أن والدتي سورية من دمشق، أنّي وُلدت في السعودية واكتسبتُ طيبة أهل الحجاز!

وفي كل مرّة أكتفي فيها بنسب نفسي إلى فلسطين، أشعرُ بوخزاتٍ من تأنيب الضمير، فأين الأردن التي ضمّتني ورعت نجاحي! أين سوريا التي زادت جمالي! أين السعودية التي صبغتني بطابع ميّزني عن كل من حولي!

في بداية الفيلم، تم التحدث عن هذه الجزئية، ففرحتُ بأنني لستُ الوحيدة، جميعنا نحن الفلسطينيون سواسية في هذا الشعور وإن اختلفت حكاياتنا.

في الفيلم، كان التركيز الأكبر على مخيم اليرموك، على هجرة الفلسطينيين الجديدة، منهُ إلى لبنان فجنيف وباريس.

كانوا صامدين، مقاومين ككثير من السوريين، فهنا رائحة فلسطين، هنا البدء الجديد، هنا الأمل بغدٍ أجمل.. 

ولكن، ومع إغارة طائرات الميغ القاسية في الأيام الأخيرة من عام 2012 بدأ النزوح، بدأت الهجرة ومن ثم اللجوء الجديد، وبدأ الحصار على من اختار البقاء.

هل لأنهم احتووا أشقاءهم السوريين الذين نزحوا للمخيم عندما اشتد العراك؟! أم لأنهم أصل المقاومة والصمود، وهذا بحد ذاته مخيف؟! أوليسوا هم أبناء شعب تغنّى النظام باتباع سياسة المقاومة والممانعة مع مُحتله؟ أولم يفعل ذلك كُرمى لعيون شعب فلسطين المحاصر اليوم والمعتقل في سجونه؟



فستق، أمي والفراق

في الفيلم أبطال صغار وكبار، أبطال من عمر النكبة الأولى، بل وأكبر، وآخرون لم يتجاوزوا الـ10 أعوام، أبطال حملوا وطنهم الأول والثاني في قلوبهم ورحلوا في رحلة جديدة نحو المجهول.

يقول أحدهم بلهجة فلسطينية ممزوجة بالسورية "خلِئت لاجئ، بس أرجع أختار إني كون لاجئ! اختيار صعب".. يضيف آخر "الاشتياق حرفة" أصبحنا نحن الفلسطينيون نمتهنها.. نسمع صوتاً جديداً "بعد ما كان حلمي أرجع فلسطين، صار حلمي أرجع 
المخيم"، تضيف سيدة "كنت بسوريا حزنانة على حالنا.. بس لمّا جيت هون علبنان وشفت وضع الفلسطينية حمدت الله عالنعمة اللي كنا عايشين فيها".

وعلى رغم المرارة، إلا أن الفكاهة لا تزال تداعب وجدان الشعب الفلسطيني.. يشبّه لاجئ فلسطيني سوري في لبنان مخيم اليرموك في سوريا بأرقى شوارع باريس إذا ما تمّت مقارنته بمخيم شاتيلا في لبنان، لكنه سرعان ما يتراجع عن تشبيهه المبالغ فيه بأسلوب أضحك المشاهدين.

يظهر شاب من مخيم اليرموك، يحلم بالهجرة إلى السويد، لكنه حزينٌ على والدته، كيف ستقدرُ على فراقه وهو آخر إخوته في المخيم، جميعهم رحلوا، لم يبقَ سوى هو ووالدته.

يقول "إمي بدها ياني أسافر، بتشجعني ألاقي مستقبل أحسن.. بتقول إنها رح تتحمل.. بس هيّي كذابة! كيف رح تقدر تعيش من غيري! كيف مش حتشتقلي! إمي كذابة" يضيف تأكيداً لما يقوله وبأسلوب أضحك المشاهدين كذلك "أنا جبت قطة من الشارع، سمّيتها فستق.. ما خلّفتها، بس لقيتها جوعانة فأخدتها وربّيتها.. بدي أسافر معها، عم بطلّعلها وراق سفر.. لإنه ما بقدر أتركها، قلبي تعلّق فيها مع إنها مش بنتي.. كيف إذاً إمي رح تعيش وأنا بعيد عنها!".

جميع من في هذا الفيلم تحدث، تحدث ليطهّر روحه ويبدأ رحلته بأمل جديد، ليحافظ على مقاومته في درب يفيض بالألم.


سارة عودة.. المرأة الفلسطينية بصمودها وعزيمتها

رصاصة قنّاص نقلتها إلى عالم أجمل وأنقى، عالم بعيد عن الحصار والذلّ، صعدت بها إلى السماء لتجمعها بزوجها.

إنها الفلسطينية سارة عودة، ابنة مخيم اليرموك، ابنة الـ25 ربيعاً، ها هي ترسم بدمائها لوحة جديدة لشعب عاش النكبات واللجوء مرّات عديدة.

أُجبرت على ترك مخيّمها وخطيبها علاء فرحان بسبب الحصار، لجأت إلى بلغاريا، وعبر الإنترنت كُتب كتابها على علاء، أصبحا زوجان رغم الحصار، رغم المسافات.

رفضت البقاء في بلغاريا بعد أن علمت باستشهاد زوجها، عادت لتزور قبره، وطلبت أن تُدفن إلى جانبه.

قبل أيام، علم الجميع بنبأ استشهادها، تم قنصها وهي تنتظر كرتونة الغذاء التي تقدمها منظمة الأونروا لعدد قليل من أهالي المخيم.

ها هي اليوم ترقد بحب وسلام بجانب زوجها علاء، ها هي اليوم تعلّمنا درساً في الحب والوفاء، تخبرنا كيف تكون التضحية، ها هي اليوم تضيف معنى للرجولة.



أيّ حب هذا الذي سطرتيه بقلبك يا سارة؟! وأين نحنُ منكِ؟! أين هي منظمات حقوق الإنسان عن هذا المخيم؟ عن أكبر تجمّع للفلسطينيين في سوريا؟! أين هم الفصائل الفلسطينية؟!

Tuesday 24 March 2015

ماما

بتتذكري لما كنت صغيرة كتير وكنتي تحمليني وتقعديني علی طاولة المطبخ، تبدي تمشطيلي شعري وتعمليلي جدولة حلوة بلون عيونك؟ جدولة السنبلة.. كنتي تعرفي تعمليها مع إنه أغلب الأمهات ما بيعرفوا..

أنا ما بتذكر القصة، بس من قد ما عدتيها صارت جزء من ذاكرتي.. كنتي دايما تحكي قدام خواتي الصغار إني الوحيدة اللي فشتلك قلبك وخليتك تلعبي بشعري، إني هادية ومسالمة وما بجادل، كنتي تقولي كمان إني نولدت متل الخروف! بس يلا مسامحاكي بهالوصف الرومانسي!

المهم، كنتي تحطيني علی طاولة المطبخ وتلعبي بشعري وتكملي طبختك وتنسيني.. تنسيني لإني قاعدة بهدوووء وما عم بتحرك، عم بستناكي تيجي تكملي لعب بشعري أو تأكليني من إيديكي الحلوين.. شايفة يا ماما أديش كانت بنتك أمورة وكيوت!

بعرف.. أنا هلأ بطلت متل زمان :$ يمكن هادية شوي بس بطلت مسالمة كتير وصرت أجادلك كتير كتير!

سامحيني يا ماما لإنه الكل بيحكي عني ملاك إلا إنتي بتتمني تحسي بهالملاك اللي ربيتيه.. بتعرفي ليش؟ يمكن لإنك الوحيدة اللي رح تفهمني لو شو ما عملت، لو قد ما غلطت..

سامحيني يا ماما علی كل كلمة قلتها وكانت سبب بزعلك، علی كل حرف كتبته وكان سبب بدمعتك، علی كل شي عملته وإنتي مش راضية عنه..

سامحيني يا ماما إذا نسيت بيوم من الأيام تعبك معنا، سهرك علينا، الحكايات اللي كنتي تنيمينا عليها واللي خلتني أعشق القراءة والكتابة..

سامحيني يا ماما إذا بيوم ما فهمت سبب خوفك علي.. إذا بيوم عاندتك وعملت اللي براسي.. إذا بيوم لمتك علی شي عملتيه لإنك بتحبيني..

بحبك ماما.. وبوعدك أرجع متل هديك البنت اللي كنتي تمشطيلها شعرها وهيي صغيرة.

في الصالون

"إلهي وإنت جاهي تقلب خطبة وسام عزا" توجهت بسبابتيها إلی الأعلی وكررتها ثلاث مراتٍ ثم عضّت شفتها السفلى وأكملت تسريح شعري من الجانب الأيسر، ومن الجانب الأيمن تناولت زميلتها خصلةً من شعري لتساعدها في إنهاء التسريح بأسرع وقت، وقالت بغضب "ابن الكلب... الله لا يجبر بخاطره".

من المرآة وأنا أتابع بعينيّ المذهولتَين تحركات أيديهما العنيفة على رأسي ظهرت لي شابّة وجهها سَمْحٌ لكنه حزين، وقوامها جميلٌ لكن الإنهاك بادٍ عليه، اقتربت من مصففتَي شعري وأخبرتهما أن عليها المغادرة، طلبتا منها البقاء قليلاً، لكنها قالت لهما "واقف برّا، بقدرش أتأخر عليه، خاصة بعد القصة اللي صارت إمبارح" ثم زمّت شفتيها وخرجت مسرعةً دون سلام.
بأذني اليسری رنّت كلماتها وهي تقول "شايفه شو بيجينا من ورا الرجال!" وتناولت خصلةً من شعري بطريقة هزّت رأسي وجعلتني أغمض عينيّ وأرفع حاجبَي من الصدمة! ثم أضافت من تصفف الجانب الأيمن من شعري، والتي كانت ألطف بتعاملها مع رأسي لكنها أكثر عنفاً بكلماتها "بجيناش غير الهم ووجع الراس.. قطيعة تقطعهم".
للحظات شعرت بالحنق منهما، لسوء أفكارهما عن الرجال، ولعدم منحهما الاهتمام الكافي برأسي! أردتُ توبيخهما، لكني آثرت الصمت والصبر حين تفحصتهما بنظراتي من جديد فأدركت أن ما يزعجهما ويتسبب بألم رأسي رجل لم يأخذ من الرجولة إلا اسمها!

أصدق صورة


كابتسامة أب حنون
كأم تمسك بيديها بين المروج
كأخ يشاركها ضوء النجوم
رسمته وهي تسير بين الدروب

كصديقة تحلّق معها بلا قيود
كصديق يشدّها إلی درب الجنون
كقريبة تهدئ روعها في السهول
رسمته وهي تسير بين الدروب

كنظرات شاب وسيم في كلية الفنون
كانتظار حبيب غارق في بستان زهور
كحبات لؤلؤ تسيل بها الغيوم
رسمته وهي تسير بين الدروب

كفاقد هوية يبحر نحو المجهول
كلاجئة جميلة تذبل كما الورود
كرجل من بلادها يقاوم الاحتلال ويثور
رسمته وهي تسير بين الدروب

كبُرت فكبُر في خيالها
كبُرت فلوّنته من تجاربها

عبَرت نهر العزة والإباء
فوجدته أمامها

بقبلة فاجأها
بحب أخبرها

أنه أصدق صورة جمعتها

من 100 حكاية مرّت بها

Saturday 14 February 2015

حصّن نفسك من التلصص الإلكتروني

هل تخيّلت مسبقاً العملية التي تحدث عند طلبك زيارة موقع إلكتروني؟ هل تصوّرت من قبل أن جهات كثيرة ستعرف بطلب زيارتك لهذا الموقع حتى قبل أن يفتح على جهاز حاسوبك؟
تعرّف مع الخبير في أمن الإنترنت المدرب رعد النشيوات على الآلية التي تتم فيها زيارة المواقع الإلكترونية، وامتلك خطوط دفاع تساعدك على مكافحة التلصص الإلكتروني الذي يحدث خلال ذلك لحماية نفسك كصحفي عند بحثك عن المعلومات.
يقول النشيوات إن جهات التجسس عبر الإنترنت لا تفرق عند تلصصها بين الأشخاص الذين يمثلون خطراً عليها وبينك كصحفي تبحث عن الحقيقة لا أكثر، لذا، عليك التعرف على هذه الجهات لتحدد منها ما يهدد أمنك ومن ثم البحث عن طرق لتحصين عملك وإكماله بدون متاعب.
بداية، يعرّفنا النشيوات على ما يحدث عند تصفّحك لموقع إلكتروني عبر الإنترنت؟
1-  تقوم بكتابة عنوان الموقع الإلكتروني الذي ترغب بزيارته، ثم تطلب البحث عنه.
2-  ينتقل طلبك إلى الشبكة الداخلية، وهي الشبكة التي تصلك بالإنترنت في (المطار، الفندق، المنزل،... الخ).
3-  تعرف الشركة المزوّدة للإنترنت ISP بطلبك.
4-  تصبح حكومة البلد الذي تعيش فيه على علم بالعنوان الذي طلبت زيارته.
5-  ينطلق العنوان الذي طلبته في رحلة لجهات كثيرة في بلدان مختلفة، وهي جهات حكومية في الأغلب، لكنها في كثير من الأحيان تكون مخفية الهوية، بحيث لا يمكن لك معرفة من يراقبك.
الآن، وبعد تلك الجولة الطويلة، أصبح بإمكانك تصفّح الموقع الإلكتروني الذي طلبت زيارته، ولكن، لم يعد بإمكانك توقّع ما قد يحدث لك بسبب زيارتك له.
تتكرّر هذه الآلية عند كل زيارة لموقع إلكتروني، أو عند تصفّحك في نفس الموقع، ولحماية نفسك قدر المستطاع، يرشدك النشيوات إلى خطوط دفاع تجنّبك قدراً كبيراً من التلصص الإلكتروني، وهي:
1-  خط الدفاع الأول/ Ctrl Shift
جميع المتصفّحات على أجهزة الحاسوب تحتفظ بكل ما تفعله، وهذا الأمر قد يجعل جهاز حاسوبك هدفاً للسرقة ونَيل ما فيه من ذاكرة تتعلق بعملك.
لحماية نفسك من ذلك، اطلب قبل البدء بالتصفّح عدم حفظ ما ستقوم بتصفّحه، وذلك بالضغط على Ctrl Shift N إن كنت على متصفّح Chrome أو Opera وهكذا ستحصل على نمط حماية آمن ولن يتم حفظ شيء مما تبحث عنه، وإن كنت على Fairefox أو explorer فاضغط على Ctrl Shift P أما متصفّح Safari، فقم باختيار Private من القائمة الرئيسية.
هذه الخاصية تساعدك كذلك إن كنت تعمل من أجهزة حاسوب عامة.
خط الدفاع هذا يحميك في حال سُرق جهاز حاسوبك، أو أُجبرت على تسليمه لجهة ما، لكنه لا يحميك من التلصص الإلكتروني، لذا، لا بد من التعرف على خطّي الدفاع التاليين.
2-  خط الدفاع الثاني/ Proxy
يساعدك الـ Proxy في فتح المواقع المحجوبة في الدولة التي تقطنها وإخفاء هويتك خلال بحثك عن المعلومات وبالتالي حماية نفسك من الجهات المتلصصة.
وللقيام بذلك بكل سهولة وبساطة، قم بزيارة الموقع الإلكتروني Top Proxies ثم اختر من بين روابط كثيرة يوفرها الموقع الـ Proxy الذي ترغب بالتصفّح من خلاله. عندما تفتح الـ Proxy، ضع رابط الموقع الذي تريد زيارته في المكان المخصص لذلك وستتمكّن من التصفّح الآمن ومن فك المواقع المحجوبة.
على الرغم من الحماية التي يوفّرها لك الـ Proxy وأهميته في أحيان كثيرة، إلا أنه لن يحميك بشكل تام، فستعلم الجهات التي تراقبك بزياراتك المتكررة له دون علمها بما تفعله عليه، وهنا قد تصبح في موضع مساءلة.
كما يمكنك اللجوء إلى Hide My ASS وهو موقع إلكتروني يفتح لك المواقع المحجوبة ويوفر لك الحماية التامة خلال تصفّحك باستخدامه Proxy وVPN. من الممكن تثبيت تطبيق VPN على جهازك الخاص واستخدامه لوحده، وهو تطبيق يحجب كافة تحركاتك على شبكة الإنترنت.
3-  خط الدفاع الثالث/ TOR
تُعد حزمة TOR من أقوى برامج إخفاء الهوية خلال التصفّح الإلكتروني، كل ما عليك فعله، تثبيتها على جهازك الخاص بعد أن تختار نوع متصفّحك ومن ثم البدء بالتصفّح، ولتعرف أكثر عنها وعن طريقة تثبيتها، اضغط هنا.   

من إحدى ورشات ملتقى شبكة (أريج) السنوي السابع للصحفيين الاستقصائيين العرب، الذي عقد مطلع كانون الأول/ ديسمبر/ 2014 في العاصمة الأردنية عمّان.

*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين  :ijnet