Saturday 26 October 2013

بات المشاع الإبداعي حلاً يتخذه الصحفيون للحفاظ على أعمالهم


يشكو الكثير من الصحفيين، الذين يعملون بشكل دؤوب ويتكلّفون الجهد والمال والتفكير لتقديم مادة صحفية جيدة، من سرقة أعمالهم ونشرها من غير أي اتفاق مسبق بين الطرفين ينصّ على تزويد المحتوى أو حتى مشاركته. إذ ترافقت ثقافة "انسخ وألصق" مع التطور الإلكتروني فتفشّت في الوسط الإعلامي وفي مجتمعات المدونين ومواقع التواصل الاجتماعي.
كتب المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع البوابة العربية للأخبار التقنية أحمد عبد القادر مقالة بعنوان "وسائل إعلام عربية وعالمية تنتهك حقوق النشر و"الإنسانية"!" حيث سلّط الضوء من خلالها على الانتهاكات التي تقدم عليها المواقع والمنصات الإعلامية عبر استخدام محتوى غيرها من الوسائل الإعلامية والصحفية دون أي اتفاق مسبق أو ذكر لمصدر المادة المنقولة.

أشار عبد القادر في مقالته إلى الجهد الذي يبذله وطاقم العمل في موقعه الإلكتروني للخروج بمادة مميّزة ذات مضمون غني، وفي نهاية المطاف يتفاجؤون بوسائل إعلام أخرى تنقل المحتوى ذاته من غير الرجوع إليهم أو حتى نسب المصدر الرئيسي. وأضاف أنه لم يخطو مثل هذه الخطوة إلا بسبب الانتهاكات الصارخة التي يلحظها لحقوق النشر والتي تفشّت أيضاً بين وسائل إعلام ذات سمعة جيدة ومتابعة كبيرة.
وتابع عبد القادر قوله، واصفاً مثل هذه الممارسة من موقع عربي كبير بأنّها تخطّت كافة المفاهيم الإنسانية المتعارف عليها، لا بل اعتبرها بمثابة سرقة لجهد الآخرين وأموالهم مستغلين بهذا الفعل "غياب القوانين ومفهوم حقوق النشر وحمايته المشوه في العالم العربي".

الإجراءات القانونية المتّبعة

لعل العديد من الصحفيين يجهلون الطرق القانونية التي عليهم اتّباعها في حال اكتشفوا سرقة أعمالهم وجهودهم، أو أنهم يتخذون من التجاهل مبدأً لهم لعدم وجود الوقت الكافي للسير بالإجراءات القانونية اللّازمة، إلى جانب اعتقادهم بعدم كفاية القانون وشمول بنوده على جميع قضايا انتهاك "الملكية الفكرية" خاصة في ما يتعلق بالإعلام الجديد.

على صعيد الأردن، يقول المحامي فارس عساف لشبكة الصحفيين الدوليين، إن القانون يحمي الصحفيين في حال إثبات التعدي على جهدهم وسرقته بدون نسب أو اتفاق. ويبين أن قانونَي "حماية الملكية الفكرية" "والمطبوعات والنشر" هما المعمول بهما في المحاكم، وأن عقوبة من تثبت عليه الإدانة تتراوح ما بين جزائية (السجن) بحق المتسبب أو التعويض المالي.

على الرغم من ذلك، يقول إن معظم الصحفيين يتركون هذه الإجراءات ويلجأون للحلول الودّية، متجنبين بذلك هدر الوقت وخسارة العلاقة مع صحفي قد يحتاجونه في المستقبل.
وهذا بالفعل ما أقدم عليه الصحفي الأردني راشد عساف حين اكتشف عن طريق الصدفة بأن أحد الأخبار والصور التي عمل عليها ونشرها بشكل حصري لموقع البتراء الإخبارية الذي يعمل لصالحه قد تم إعادة نشره بعد خمسة أيام في جريدة أسبوعية تحت عنوان "صور حصرية". في حوارنا مع عساف، قال الأخير بأنه تفاجأ بهذا الفعل وأجرى العديد من الاتصالات مع الصحيفة التي أعادت نشر الخبر والصور، إلاّ أن الصحيفة أصرّت على ادعائها بملكية المحتوى، إلاّ أنها عادت وتراجعت عن ذلك بعد تهديد عساف لها باللجوء إلى القانون. فقدّمت الصحيفة اعتذارها، وعلى الرغم من إصرار عساف في بداية الأمر إلى اللجوء إلى القانون إلاّ أنه فضّل نهايةً الحلّ الودي خوفاً من السير في إجراءات قانونية طويلة ومنهكة من جهة وخوفاً من خسارة جهة صحفية قد يتعاون معها مستقبلاً من جهة أخرى.


المشاع الإبداعي: بعض الحقوق محفوظة

مع التطور المتسارع للإعلام الإلكتروني أصبح من الصعب بل من المستحيل الحفاظ على كامل حقوق النشر وحماية الملكية الفكرية، فكان لا بد من نشر ثقافة جديدة تواكب من سرعة نشر المحتوى الإلكتروني وإعادة نشره مع المحافظة على حقوق صاحبه.
ومن هنا انطلقت فكرة "المشاع الإبداعي" أو "creative commons" وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى زيادة ودعم الأعمال الإبداعية التي يمكن إعادة استخدامها ومشاركتها بشكل حر وقانوني.
وقد نشرت المنظمة مجموعة من التراخيص القانونية التي تتيح للمؤلف أو منتج العمل إلى اختيار ما يرغب بالاحتفاظ به من حقوق، والسماح للآخرين من مستخدمي شبكة الإنترنت من استخدام عمله أوتطويره أو الإضافة عليه.

وقد تم اعتماد المشروع في أكثر من 50 دولة في العالم، أما في الوطن العربي فقد كانت الأردن أولى الدول التي تبنّت عملية تعريب وإدخال الرخص في العام 2004 إلى النظام القانوني المعمول به في الأردن وإعادة صياغة التراخيص بموجب القوانين الأردنية. ومن ثمّ انتشرت الأعمال التي تحمل رخصة المشاع الإبداعي في كلٍ من؛ مصر، لبنان وقطر. جميع هذه البلدان طوّعت رخص المشاع الإبداعي بما يتناسب مع قوانينها.
يمكنك الاطلاع على إجابات لأكثر التساؤلات القانونية المتعلقة بالمشاع الإبداعي وكيفية عمل الرخص الخاصة بها، وقد أجاب عنها الخبير القانوني لبرنامج المشاع الإبداعي من قطر، محمد السعيد.


هل عرفت من قبل عن "رخصة المشاع الإبداعي"، وهل سجلت أعمالك فيها؟ إن لم تقم بذلك بعد، ننصحك بالتسجيل الآن، فهذا مفيد جداً لحماية إنتاجك سواء كنتَ صحفياً أو مدوناً.




*تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لشبكة الصحفيين الدوليين ijnet:

Tuesday 1 October 2013

فتاة شرقية




تحلّق كالفراشة
فتُصطاد كالفريسة


تغرّد بكل براءة
فتُقذف بالرصاصة


تبوحُ لمن حولها
فيزول صوتها


وأخيراً
تصمت مجبرة
وتتقيّد بدون إرادة منها


تحاول الهمس
لكن روحها تعجز


فيتلاشى الأمل
ويظنها تجيد الادعاء
كغيرها من البشر

Sunday 29 September 2013

فِي سَبِيلِ النَّقَاءْ




أنْ يَذُوبَ العِشْق
ويَسُودَ النَّأْيُ والهَجْر

أنْ تبوحَ بِعَكْسِ الحُب
وتَتَجَنّبَ القُرْب

أنْ تَزُولَ رَغْبَتُك
وتَرْفَعَ رَايَةَ البُعْد

لمُجَرّد بَوْح
أُرِيدَ بِهِ زُهْد
عَلَى رَغْمِ الوِجْد

لِيَدُومَ الوِد
ولِتَشْتَعِلَ صَبَابَةُ الشَّوْق
في الرُوحِ والقَلْب

فَهَذَا يَا مُهْجَتِي
مَا أَعْجَزُ عَنْ فَهْمِه
وأَحْزَنُ لفِعْلِه

Friday 27 September 2013

أنعِش روحي



مع كل نسمة اشتياق
ولهفة انتظار
ارسمني بأحرفك يا حبيبي

أطفئ لهيب البعد بألوانك
وقربني إليك أكثر

اجعل مني فراشة
ترشف من رحيق شفتيك
أو ريحانة
يفوح عطرها بين ثناياك
أو أميرة
تسرح شعرها بأناملك

ارسمني كما شئت
وجدد ألوانك عليّ
فأنا أنثى لا تكتمل
إلا بلمسة جنون تسطرها أناملك

أنا يا سيدي امرأة
لا يثيرها في الدنيا شيء

أكثر من الكلمات

Sunday 9 June 2013

حلم مع وقف التنفيذ

11-12/3/2013
مروة العقاد- عمّان- الأردن


     الساعة التاسعة صباحاً، أستيقظ بتوقيتٍ لم أعتده من قبل، فاليوم هو يومي، اليوم سأحلّقُ بجنون وسأمارس عشقي.

     تسعة شهورٍ مضت وأنا أصارع خلالها، أصارع نفسي وأحارب من أجل إخمادها، فجميع الإشارات من حولي تخبرني أن حلمي لن يتحقق، وأن حياتي، بكل تفاصيلها، تسير على غير ما اشتهيت.

     اعتدنا أن تكون فترة تسعة شهورٍ كافيةٍ لخروج جنينٍ إلى عالم الأحياء، ليحصل بعد ذلك على كافة المهارات التي تؤهله على إكمال دربه في الحياة، وليتعلم قيمة التمسّك
بحلم والسعي من أجله. هذه الفترة كافية كذلك لدخول حلمٍ في عداد الأموات، خاصة في غابة الذئاب.

     الساعة العاشرة صباحاً، أجلس على أريكتي وأشرب قهوتي بصفوٍ ورخاء، وأتابع عبر المواقع الإلكترونية أخبار العالم، تحديداً أخبار منطقتي العربية، فيتعكّر صفوي حيناً، وتُستفزُ عروبتي أطواراً، وأوقنُ بعد كل خبرٍ أُنهيه أن الانحطاط هو سمة زمننا ومن كافة الجوانب.

     لم أمارس هذه الطقوس وما يرافقها من تأمّل منذ زمنٍ، فالعمل سرقني منها وأغرقني في دوّامة من التخبّط والإحباط، وأذابني بمزيجٍ الملل فيه يتفوّق على الترفيه، بعكس ما أخبروني!

Sunday 2 June 2013

صفحة من مذكراتي


لم أعتد المفاجآت ولم أنتظرها يوماً، كنتُ أرسمها في خيالي ثم أضحك عليها طويلاً.

لكن؛ أن يصلني اتصالٌ من مجهول، يخبرني فيه أنه يحمل لي أمانةً من شخصٍ ما، وينبّهني إلى ضرورة استلامها بأسرع وقت خشية أن تتلف، فهذا ما لم أتخيله في حياتي!

بعد انتهاء المكالمة تنبهت على أني رتّبت موعداً مع حامل الأمانة، كان الفضول يقتلني لأعرف ما يحمله لي، لكني تعمدت عدم سؤاله، أردت أن أعود لخيالي من جديد، وأن أكتشف مدى صدقه.

توقعاتي صدقت، لقد فعلها وأرسل لي باقة وردٍ تضم ألوان الحياة ورائحتها الزكيّة، وصندوقاً مليئاً باللوحات المرسومة بالكلمات.

منذ فترةٍ من الزمن، بدأت أتناسى أن للحياة لوناً ورائحة، فلطالما خُدعتُ من هذه الرائحة، ولطالما تألمتُ من ألوانها المتغيرة.. لكني؛ بعد أن لمستُ باقة الورد بأناملي واقتربتُ منها لأتجرّع قليلاً من عبيرها؛ أدركتُ أموراً كثيرة كنتُ قد غيّبتها عن واقعي وخيالي.

.....




بعطرها ستغمرني ليالٍ،
وعلى وجنتَي ستضفي لونها..

بالفرحة ستملأ قلبي،
وحواسي بالإحساس ستمدّها،

البريق إلى عينَي ستعيده،
ووجهي سترسم عليه الابتسامة..

يدي بها ستصبح أجمل،
وأسلوبي برفقتها سيزداد رقياً..

فهل عرفتموها؟

إنها وردة حمراء،
وردة ستنعش روحي الذابلة منذ زمن.

Wednesday 15 May 2013

في ذكرى النكبة




فلسطين تستحقُ الحياة،

وتستحقُ أن تسيطرَ على روحنا
ووجداننا وذاكرتنا المتوارثة،
وهذا أقلُّ الانتماء..

سنغني لـفلسطين باستمرار،
وسنُبقي خارطتها على جدران منازلنا،
سنتحدثُ عن تاريخها لأبنائنا،
وسنَطْمَئنُ بين فترة وأخرى على مفاتيح ديارنا
ديارنا التي اشتاقتنا،
وسنُحَرّضُ دوماً
على الجهاد 
من أجل العودة..

لن نُحَرّضَ ضد بلدٍ عربيٍ يأوينا،
وإنما ضد عدُوٍ شرّد الآلاف منا..

يا وطني العربي الذي يستضيفني؛
أعشقُك وأحنُّ كلّ يومٍ لوطني،
أفخرُ بكَ وأحاربُ من أجل وطني،
أعيشُ بكَ وأعملُ لأجلك،
ويعيشُ داخلي وطني الذي ينتظرُ عودتي..



Tuesday 2 April 2013

عمّان تجمعُ ابنَتَي العم بعد ربع قرنٍ من الفراق


إصلاح نيوز - عمان - بهمّةٍ لا تعرفُ الكَلَل، ولا تعترفُ بالمَلَل، تواصلُ الأربعينيةُ “أم مراد”، التي تقطنُ في أحد منازل تلاع العلي، في عمان، رحلتها بالبحث عن كل قريبٍ أبعدتهُ عنها الغربة، فمنذُ طفولتها لَم تستقر يوماً في وطنها، حيث كان والدها يعملُ بالخارج، كحالِ كثيرٍ من أبناءِ عائلتها، الذين تفرقوا على أنحاء العالم، إمّا لدراسةٍ، أو لعملٍ يُحسّنُ من أوضاعهم المعيشية، وقد يكون الرحيلُ كذلك تفادياً لنظامٍ عُرِف بالبطش والاستبداد.
     تقول أم مراد “أفراد عائلتي مُتفرقين، ولا سبب لذلك سوى الغُربة، التي باعدت بيننا، وشغلتنا عن رحمنا، فلَم نَعتد كغيرنا وطناً يجمعُنا، ويُشعرنا بدفء العائلة وأُلفَتِها”.
     قد يتبادر إلى الأذهان أنّ أم مراد فلسطينةٌ أجبرتها قسوة الاحتلال إلى ترك وطنها، فهذا هو الشعب الذي اشتُهر بالشّتات، لكن؛ وكما يُبينُ الواقع، فالشتات هو حالُ السّواد الأعظم من شعوب العرب! حيثُ يقبعُ الظلمُ، والفقرُ، وأمورٌ أخرى.
     استقرت أم مراد، قبل حوالي العام في عمّان، مدينة الأمن والأمان، بعد فترةٍ طويلةٍ من الترحال، بدأتها مع والدها سوريّ الأصل، وأكملتها مع زوجها أردنيّ الجنسية، فوجدت الراحة والرّخاء، يُحيطُ بها أبناؤها، وأهلُ زوجها.
     لكنّ شعوراً بالوحدة بَقِي يُلازمُها، فأين هُم إخوتُها؟ وأين هُم أبناءُ عُمومَتها في هذه المدينة المُكتظّة؟ لَم تكُن تعرف عنهم الكثير، ولَم تكُن تتواصل معهم إلاّ من خلال اتصالاتها التي تواظبُ عليها بين الفترة والأخرى، وحين تقابلهم في زياراتٍ متواضعةٍ إلى وطنها.
     وفي يومٍ كانت تتجولُ فيه أم مراد بين المحال، دخلت إحداها لتفاجأ ببائعةٍ قريبةٍ منها باللهجة، ومن حديثٍ سريعٍ دار بينهما، تبيّن لها أنّ إحدى بنات عمّها وعائلتها تقطن في أحد أحياء عمّان، وأنّ بينها وبين هذه البائعة قرابة، فسجّلت أم مراد رقم ابنة عمّها، بنيّة وصلها، وإعادة ذكريات الطفولة بينهما، التي كانت تحدث منذ سنين طويلة، في عطلات الصيف، حين تجتمع العائلات في الوطن، ولبناء علاقةٍ جديدةٍ كان لا بُدّ من وجودها منذ زمن.
     ”ستجمعُني مدينةُ عمّان بأحد أقاربي من جديد، وهذه ليست المرة الأولى التي ألتقي بها أحدهم في عمّان، حيث اعتدتُ من هذه المدينة لقاءَ الأحبّة باستمرار”، بهذه الكلمات عبّرت أم مراد عن مشاعرها حين علمت بوجود ابنة عمها، التي كانت قد التقتها آخر مرةٍ، قبل حوالي ربع قرن!
     اتصلت أم مراد بابنة عمّها، لكن ابنة العم لَم تعرف هويّة المُتصِل إلاّ بعد أن أخبرتها أم مراد أن اسمها يطابقُ اسمَ جدتهما المشتركة.
     ”شعرتُ بسعادةٍ غريبةٍ حين حدّثتني أم مراد، خاصّة حين علمتُ بإقامتها في المدينة التي أقطنها، فعائلتُنا مُتفرقةٌ بطبعها، وهذا أمرٌ لطالما أحزنني”، هكذا وصفت ابنةُ العم شعورَها أثناء المكالمة، وأضافت “استذكرتُ خلال حديثنا أيّام الماضي، وشعرتُ بالحنين لها، فاتفقنا على موعدٍ نلتقي به، لنَصِلَ رَحْمَنا من جديد”.
     بالفعل؛ التقتا ابنتا العم، وأكثرُ ما كان يشغلُ فِكرَهُما، كيف ستكونُ هيئةُ كلٍّ منهُما، لكنّهُما تعرفتا على بعضهما من النّظرة الأولى، فالدّمُ الذي يَسْري في عروقهما واحدٌ، بحسبِ أمّ مراد.
     تعدّدت اللقاءاتُ بين ابنَتَي العم بعد ذلك، وتعرّفت عائلةُ كلٍّ منهُما على الأخرى، وسُرعانَ ما تمّ التآلُفُ بين العائلتين، حيثُ تقولُ أم مراد “زياراتُنا الأولى حملت طابَع التلقائية، فتعاملنا مع بعضنا كصديقتَين لم يمضِ أيّامٌ على آخر لقاءٍ جمعهُما، ولَم نشعر خلال الأحاديثِ التي تبادلناها؛ بالبعد الذي أرغمتنا عليه الغربة”، تؤكدُ ذلك ابنةُ عمّها التي تقول “تملّكتني الرهبةُ قبل ساعاتٍ من لقاء أم مراد، ففكّرتُ بما قد يدور بيننا من أحاديث، وبما عليّ فعلُهُ ضيافةً لها، لكنّي بعد رؤيتها، شعرتُ براحةٍ كبيرة، وعاملتُها كأني أعرفُها منذُ زمنٍ طويل، وأنا فعلاً فخورةٌ بها، وبمُبادرتها التي جَمَعت قريبتَين فارقت بينهُما ظروفُ الحياة القاسية”.

الاثنين ٢٦\١٢\٢٠١١

* تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لإصلاح نيوز: 

أدرَكوهم.. فأدركناهـم.. فأدركوا ما تقرأون



إصلاح نيوز - عمان - اقتربت من المدينة الفاضلة بأجوائها، وجعلت من المصلحة الإنسانية هدفاً للبلوغ القلبي والعقلي، التفتت للبصيرة العملية، فأبقت على ضميرها حياً، فأدركت أن هناك أشخاصاً بأمس الحاجة لاحتوائنا نحن البشر المعافون.
“إدراك” هي مؤسّسةٌ خاصّة بدأت قبل ستة أعوام، بقيادة امرأة بأخلاق الرجولة، وحنان الأمومة، وبراءة الطفولة، اختصاصية التربية الخاصّة ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصّة؛ الدكتورة زينة ناقور، افتتحت مؤسسة إدراك للتربية الخاصّة في العام 2005، بهدف تقديم الخدمة المُتخصصة لكلّ طفلٍ من الممكن تنمية قدراته العقلية، بطريقة إنسانية، وأجواءٍ عائلية .. وبعد أن بدأت بـ 25 طالباً، تضم “ادراك” الآن بين احضانها 100 طالب، ستة منهم يباتون في السكن الداخلي.
وعن اسم إدراك تقول ناقور “تعمدتُ اختيار هذا الاسم، تجنباً لأسماءٍ تتداول بكثرةٍ بين السواد الأعظم من المجتمع، وللأسف هم لا يعرفون أنها تسميات جارحة للأشخاص المعوقين، ولذويهم كذلك”.
تستقبل ناقور كلَّ صباح، أطفالها في المؤسسة والعاملين فيها، بابتسامةٍ ساحرةٍ، لتعلن من خلالها عن الإخاء والصّفاء، وترسل بها المحبة والمودة للمحيطين بها، ليدُبُّ النّشاط في أوصالهم، وتعُمُّ الحيوية أرجاء المؤسسة.
تجوّل فريق “إصلاح نيوز” في أروقة المؤسسة، ففوجئ برِقِيّها، المُتمثل بأبسط الأمور، وأُعجب بكادرها المُتميز، وسُحِر بابتسامة أطفالها السعيدين رغم معاناتهم!
لَمَس الفريق أثناء تجوله صِدق مؤسسة “إدراك”، وسعيها الحثيث لإدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال، من ذوي الاحتياجات الخاصّة وذويهم، دون مقابلٍ يُذكر.. فالإخلاص بالعمل، وحب فعل الخير؛ هما الهدف الأسمى لهذه المؤسسة، بعيداً عن النفاق والرياء، وهَوَس الكسب المادي، خاصّة أنه عملٌ مُوجّه للفئة الأصدق من البشرية، والبعيدة كلّ البعد عن الكذب والخداع، بحسب ناقور.
وتضُم المؤسسة عدة أقسام، منها؛ قسم القياس والتشخيص والمتابعة، وقسم التدريب، ويشمل خدمات التدريب النطقي واللغوي، وكلاًّ من العلاج الطبيعي، والوظيفي، والرياضي، بالإضافة إلى التأهيل والعناية الذاتية، وتضم كذلك قسم التعليم الهادف إلى تطوير القدرات العقلية، والقسم الداخلي الذي يقدم الإيواء والرعاية لمن يرغب بذلك.
وتستقبل المؤسسة الأطفال من عمر السنتين، إلى الثلاثين عاماً، ادراكا منها بوجود أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة بهذا العمر المتقدم، حيث يعانون من تأخرٍ بالنمو الذهني.
وتؤكد ناقور على ضرورة جلب الأطفال بعمر مبكر، حتى ليكون حل المشاكل أسهل، والتدريب على المهارات المتوفرة أنفع، فيصبح من المُتاح بعد ذلك دمجه مع غيره من الأطفال.
ومما يميز “ادراك” اتباعها لأسلوب العلاج من أجل الفرد والمجموعة، فتُخصص جلساتٍ علاجية لكل فردٍ على حدا، وجلساتٍ علاجية لمجموعة من الحالات المتقاربة في معاناتها، كما تخصص أيّاماً لدمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة بالمجتمع المحلي والبيئة الطبيعية.
حققت مؤسسة إدراك، خلال الأعوام القليلة السابقة، جزءاً من الطموح الذي بدأت سعيها من أجله، وذلك بإعلاء المصلحة الإنسانية فوق كل فعل، وها هي الآن تسير في سبيل تحقيق ما تبقى منه، فبدأت مؤخراً وبالتعاون مع مركز عمان للفروسية وباشراف من معالجي المؤسسة الطبيعيين، إطلاق برنامجٍ بواسطة ركوب الخيل، الذي يُقوي الأعصاب، واستهدف 20 طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديداً من أطفال التوحد والشلل الدماغي، ليكون البرنامج الأول في الأردن والعالم العربي.
ومما تتمناه ناقور لرفع إمكانيات هذه المؤسسة -خدمةً للإنسانية- أن تمتلك مبنى خاصّاً، تقدر من خلاله زيادة الخدمات المقدمة، والتحكم بنظام البناء، والتصميم، دون تدخلاتٍ من المالك.
وتطلب من الأهالي عدم الاستحياء من أطفالهم الذين يعانون من أي إعاقة، مهما كان خطرها، فصحيحٌ أنّهم مبتلون، لكنّ الفرصة أمامهم لإثبات إنسانيتهم، ولكسب الأجر من رب العالمين، إن أحسنوا معاملتهم .. راجية من المجتمع ان يتقبلهم ويحتويهم.

الخميس ١٩\٠١\٢٠١٢

* تجدون التقرير كذلك على الموقع الإلكتروني لإصلاح نيوز: 


Thursday 31 January 2013

سورية الروح



    أعجز عن تكوين رأيٍ حيال ما يحصل في سورية (أملي ونبض روحي) حُلُمي منذ الصغر! 


     هل أنحاز للأحرار، أم للنظام.. أم أستمر بالحياد وبتجاهل الدمار؟! وبالحالة الأخيرة سأكون شيطاناً أخرساً لا محال.


لكنّي حقاً غارقة بالحيرة ومتعطشة لومضة حقيقة.

     على الضفة الأولى؛ أسمعهم يشكون النظام وويلاته، يعدّونها لي، يخبروني عن مشاهداتهم لما أحدثه وعن تنبؤاتهم لما هو مقدمٌ عليه، ولا يصمت أحدهم قبل أن يخبرني عن وحشيته وفاشيته.


     وعلى الضفة الثانية؛ يخبروني عن سورية التي ضاعت، وعن الدماء التي هُدرت وعن الحياة التي توقفت، ثم يسألونني "أهكذا تُطلب الحرية؟" ويضيفون باستنكار "أتكون الحرية بتدخلٍ خارجي؟!".


     من الضفة الأولى؛ علمنا عن شابٍ اعتُقل وهو لم يُكمل بعد الـ 18 ربيعاً، ذهب لشراء ما يسدّ جوعه لكنه لم يعد إلا بعد ثلاثة أشهرٍ احترق خلالها قلب والدته وجفّت فيها روحه الفتية.


     ومن الضفة الثانية؛ احترقت قلوبنا مؤخراً على رجل في العقد الثالث من عمره، كان في طريقه إلى زوجته وأولاده، إلا أن قناصاً من الجيش الحر باغته فأفقده وعيه، وهو إلى الآن على فراش الشفاء أو الموت! لست أدري! أهله من حوله ينتظرون حركةً منه، وقلوبنا لأجله تصلي ليلاً نهاراً.

     كانت رؤيتي واضحةً في بداية الأحداث، بل كان حماس الانتفاضة يملؤني ويحركني، ما دعا كثيراً من أهلي إلى تأنيبي.

     لكنّي الآن بحيرةٍ من كل ما يحصل، سواءٌ في (سورية الروح) أو في غيرها من البلدان العربية، والصمت، رغماً عني، يقتحمني ويسيطر عليّ!

فإلى متى لستُ أدري!

     وهل يا تُرى سنفخر بحاضرنا هذا في المستقبل أم أنه سيتحول إلى ندبٍ يصعب استئصاله من بين صفحات التاريخ؟



#من وحي التأمل

Wednesday 26 December 2012

لنتوارث الذاكرة


فقط كي لا ننسى
أن احتلال الوطن هو الأقسى
وأن كامل أراضينا أغلى ما إليه نسعى
وأن السواد الأعظم في الشتات إلى يومنا هذا يشقى

     كي لا ننسى ولنتوارث الذاكرة جيلاً بعد جيل؛ أدعوكم إلى قراءة تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "عامود السحاب واغتيال الطفولة" الذي يوثّق الدمار الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، بالفترة (14-21) تشرين الثاني/نوفمبر لهذا العام.

     ابتدأ هذا العدوان باغتيال القائد العسكري في حركة حماس أحمد الجعبري، ما دفع الفصائل الفلسطينية إلى الثأر لدم هذا البطل، ليستمر العدوان والدمار من الجانب الإسرائيلي ثمانية أيامٍ متتالية على القطاع، انهمرت خلالها أنهار من الدماء، لم تتوقف إلا بهدنة بين الطرفين تقضي بوقف تبادل النيران.

     يركّز هذا التقرير على ضحايا القطاع الأطفال الذين قتلوا خلال العدوان الأخير، حيث يوثّق حكاية 41 طفلاً غزّياً قتلوا ولم يتجاوز عمرهم الثامنة عشر! هؤلاء أطفال كانوا يرسمون مستقبلهم ويخطّطون له، كانوا يحلمون بغدٍ مختلف، غدٍ يُعيدون فيه الحق الذي سُلب من آبائهم، لكن قوّات الاحتلال قضت عليهم فاطمأن بالُها.

     هؤلاء أطفال بعمر الزهور، غابوا لكن روح النصر في داخلهم بقِيَت مرفرفة وستبقى ما دامت الذاكرة متوارثة.

     اقرؤا تقرير "عامود السحاب واغتيال الطفولة" التوثيقي واسمحوا لعبَراتكم بالانهمار، لعلّ الأرواح تتطهّر، والمقاومة تظهر، وتُثمر. وانشروه كذلك لعلّ انتشاره يكون تمهيداً لإدانة ومحاكمة قادة الاحتلال ومن وقف إلى جانبهم.